د.محمد بن عبدالرحمن البشر
الإنسان يعيش على هذه الأرض منذ أن خلقه الله قبل أكثر من مليوني سنة، تطور خلالها إلى أن وصل إلى الإنسان العاقل الحالي الذي أصبح كذلك قبل أكثر من مائة ألف عام، كما يقولون بقول غير مؤكد أن الإنسان الحالي هو نتاج ألف إلى عشرة آلاف شخص بقي على وجه الأرض بعد بركان بحيرة توبا في سومطرة الإندونيسية، والذي يعتبر أقوى بركان شهدته الأرض، وهو أكبر بركان يحدث للأرض منذ مليوني سنة تقريباً، وقد غطى رماده مساحات كبيرة من الأرض والمحيطات، بما فيها بحر العرب، وقد حجب غباره أشعة الشمس، وشكَّل شتاءً بركانيًا لمدة عشرة أعوام، وانخفضت درجة حرارة الأرض بشكل كبير، واستمر ذلك لمدة ألف عام، ونتيجة لذلك حدث تغير بيئي كبير مات على أثره الكثير من النباتات والأشجار، ونفقت أعداد هائلة من الحيوانات، وربما انقرض بعضها، كما انقرض نوع القرد الذي يُعتَقد أنه أصل الإنسان كما يزعمون، وهو نوع من أنواع الشمبانزي، كما توفي اشباه البشر وهم أقرب شبهًا إلى الإنسان العاقل منهم إلى القردة، أما الإنسان العاقل، وهو المستهدف في هذا المقال، فيذكر أنه لم يبق من سلالته سوى ألف إلى عشرة آلاف في شرق القارة الإفريقية، ومن هذه السلالة تعاقبت الأجيال حتى وقتنا الحاضر، وقد تم هذا الحدث الكبير قبل نحو سبعين إلى سبعة وسبعين ألف سنة خلت، وكان عدد السكان من الإنسان العاقل قبل الكارثة يبلغ على أعلى تقدير ثلاثمائة ألف.
يرى بعض العلماء أن عدد الأحياء في منتصف السبعينات يفوق عدد الأموات منذ الأزل، وأن هناك انفجار سكاني هائل حدث بعد الحرب العالمية الثانية ونهاية الاستعمار، ويقدر العلماء أن عدد السكان في السنة الأولى للميلاد بنحو مائتي مليون نسمة، ثم زادت حتى وصلت إلى ثلاثمائة مليون نسمة في عام ألف بعد الميلاد، ووصلت إلى أربعمائة وستين مليون نسمة في عام ألف وخمسمائة بعد الميلاد، وبعدها بمائة عام وعقدين كان انبثاق نور الإسلام وعدد السكان نحو ثلاثمائة وثلاثة وعشرين مليون نسمة موجودين في جميع أقطار العالم، ونحو ملياري مليون نسمة عام ألف وتسعمائة وثلاثين بعد الميلاد. وهذا كله تقدير لكنها اليوم تقرب من تسعة مليارات نسمة، وما زال العالم ينمو بمعدل واحد وسبعة بالمائة، ولابد من الإشارة إلى أن التلقيحات وانخفاض الأوبئة وتطور النظام الغذائي والصحي أسهما في هذه القفزة النوعية في عدد السكان.
لكن من الملاحظ أن هناك تطورات وصعوبات اقتصادية وتربوية جعلت البعض ينصرف عن الزواج، أو إنجاب الأطفال، مما جعل عدد السكان ينخفض في بعض الدول مثل الصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وألمانيا، وفنلندا، وفرنسا، وإيطاليا، وغيرها، غير أن معظم الدول النامية ما زال عدد سكانها يزيد بالوتيرة نفسها، مثل دول إفريقيا، والهند وباكستان، وبنجلادش، ولا شك أن ذلك أمر سوف يؤدي إلى تفاوت في مستوى المعيشة بين الأغنياء والفقراء، وسيدفع بالكثير إلى الهجرة شمالاً، مما يخلق مشاكل إدارية، واجتماعية، وثقافية، وإنسانية، والإنسان ماة زال غير مستعد لمساعدة الدول الفقيرة على تجاوز محنتها من خلال التنمية وليس الهبات، ليمكنها الوقوف على أقدامها في المجال العلمي والإنتاج والإدارة، ولا أحد يعلم كيف ومتى سيتم وضع البرامج الملائمة للنهوض بتلك الدول التي يستحق سكانها حياة كريمة مثل شعوب الأرض جميعاً.
في ظل هذا الاكتظاظ السكاني على الأرض، زاد استهلاك الإنسان من اللحوم، وهذا يعني زيادة عدد الحيوانات، وبالتالي كميات كبيرة من الروث الحيواني الذي يصدر كميات كبيرة من الأمونيا التي تزيد في نسبة التأثير على الاحتباس الحراري، إضافة إلى أن عدد السكان يزيد من استهلاك الطاقة الأحفورية، وهذا يؤدي إلى تأثر بيئي كبير، وارتفاع درجة حرارة الأرض، ولهذا فإن الإنسان أخذ في التفكير مع التعامل مع الواقع وإيجاد الحلول المناسبة، ومن تلك الحلول بث أيونات الحديد في المحيطات للتحكم في المناخ، والحد من التأثير عليه، واستبدال اللحوم الطبيعية بالمصنعة من الخضار، التي لا تؤدي زراعتها إلى آثار ضارة.
خيار آجر مطروح وهو العيش في المريخ، لكن هناك عوائق ولا شك مثل الأوكسجين والطقس والماء والجاذبية، بعد أن تمكن الإنسان من قطع المسافة البالغة في المتوسط مائتين وخمسة وعشرين مليون كيلو متر، ويمكن الحصول على الأوكسجين هناك من خلال ضغطه في كبسولة صغيره، وهو ما أمكن تحقيقه تجريبياً، أما الطقس فإنه شديد البرودة في الشتاء حيث يصل إلى أقل من مائة وثلاثين تحت الصفر، لكنه مناسب جدًا في فصل الصيف حيث يصل إلى سبعة وعشرين فوق الصفر، أما الماء فهو متمثل على شكل جليد، لكنه شديد الملوحة، مما يتطلب معالجة مناسبة، وهناك من يقول إن البرسيم يمكن نموه هناك، وتبقى الجاذبية مشكلة، لأن انخفاضها عما هو موجود في الأرض يسبب مشاكل في القلب، وربما أعضاء أخرى، فالجسم قد تأقلم على جاذبية الأرض، ويحتاج إلى مئات الأجيال حتى يمكن تأقلمه مع جاذبية المريخ.
ويبقى أن يستمتع المتبنون لنظرية المؤامرة بالتحليق بعيداً في رؤيتهم، مثل قتل البشر من خلال الحروب، أو نشر بعض الأخلاقيات، أو استخدام الفيروسات، وغيرها من الأفكار.