ميسون أبو بكر
شادي الذي أتحدث عنه في هذا المقال ليس الذي عنته الفنانة فيروز في أغنيتها الشهيرة التي كانت تُبكيني كثيرًا وأنا طفلة كلما سمعتها، لكن شادي اليوم هو كل طفل استشهد في فلسطين، وكل طفل استبيحتْ براءته بما شاهد من مذابح وعاش من قصف وتشريد وفقدان أمه أو أبيه أو أحد من أفراد عائلته.
لا أدري كيف سيمحى من ذاكرة أولئك الأطفال الناجين من الموت ولم ينجوا من ويلاته كل ما شاهدوه وعاشوه وتلك الليالي المظلمة التي كانت تضيئها نيران الصواريخ الموجهة إلى مدينتهم والتي قصفت البيوت والمدارس والمستشفيات؛ ثم كانوا شهودًا على أنين البشر تحت الركام وعويل النساء وزئير الرجال الذين فقدوا عوائلهم ومحاولاتهم لإخراجهم من تحت الأنقاض.
هل الغرب جن جنونه؟! ذلك الغرب الذي أشبعنا تنظيرات بحريات الإنسان وحقوق الكلاب والقطط فعميت عيناه عن فلسطين وغزة ولم يعد يرى أو يسمع أو يتحدث إلا بالعملية التي قامت بها حماس وإن كنت لا أبرّرها وبخاصة أنها تذكرني (بفتّيشات) العيد -fire work- حيث صمت أنصار حماس أولئك الذين كنا نسمع ضجيجهم وزعيقهم وتوعدهم العدو، فما كان منهم إلا أن ورطوهم بحرب لا أول لها ولا آخر ثم انهزموا؛ ولعل أكثر من سيناريو محتمل لهذه المؤامرة على أهل غزة وأطفالها، أعانهم الله.
الغرب الذي تشدَّق بحقوق الإنسان ووضع عالمنا على منصة الاتهام هو اليوم يكشف عن أنيابه وتفوح رائحته النتنة ونواياه الخبيثة، فبالأمس القريب كان يمنح حق اللجوء لفتيات هاربات من قيود أسرهن وقد تحولن بعد اللجوء لفتيات ملاهٍ ليلية وأفلام إباحية، ويُنظر لحالهن بكل أسى وألم.
الغرب كاذب بلا حدود يطالب بحرية الانتقام لإسرائيل فيرسل صواريخه وأسلحته ليغرسها في خاصرة العزّل وفي قلب غزة ليقتل البشر والشجر متجاهلاً كل شيء.
وحال كل شادي في فلسطين وغزة.. (ولعت الدنيا ..وناس ضد ناس علقوا بهالدنيا..) ويا ترى كم شادي سوف نبكي وكم شادي لن يعود..
وحين يمايس حزني سلام كان يلوح في الأفق، وأمن وطمأنينة.. سلام من الطرفين، تلتزم به إسرائيل فيفك الحصار عن المدن الفلسطينية وتهدم الجدران العازلة وينعم الفلسطينيون بأرضهم كما المحتل، وقتها ستُخمد نار الحرب، وأولئك الذين يتاجرون بالقضية الفلسطينية سيخسر سوقهم، والأموال التي تدعم فلسطين لن تذهب لجيوب -مخرومة- بل ستذهب لإعمار فلسطين ولشعبها المكافح الأبيّ.
وحدهم سيبقون مثل زهر البيلسان صامدين كأشجار الزيتون.