خالد بن حمد المالك
نبدأ كلمتنا اليوم من حيث انتهى الرئيس الأمريكي جو بايدن في موقفه من الحرب في غزة، فقد تقدم مندوب أمريكا لمجلس الأمن بمشروع قرار غير متوازن استخدمت فيه الصين وروسيا الـ(فيتو) وفسرت الصين موقفها بأن المشروع الأمريكي لا يفرق بين الحرب والسلام، فيما استخدمت أمريكا الـ(فيتو) لإفشال مشروع روسي يطالب بإيقاف القتال، وهو ما يعني أن إدارة الرئيس بايدن ضالعة بالحرب بين حماس وإسرائيل، دعماً منها لإسرائيل في عدوانها على غزة.
* *
ويقول الرئيس بايدن بأنه لم يطلب من إسرائيل أن تؤجل غزوها البري لغزة، وأنه لا يصدق عدد وأرقام القتلى والمصابين من الفلسطينيين التي تصدر عن حماس، ويواصل كشف عوار مواقفه بأنه لا عودة إلى الوضع السابق في قطاع غزة، بما في ذلك القضاء على حماس، وهكذا يواصل الرئيس بايدن مساندته وتعضيده لإسرائيل في حصار القطاع وقتل المزيد من المدنيين، وجرح الآلاف دون وجود قدرة لدى المستشفيات على علاجهم.
* *
هذا الموقف الظالم شجع إسرائيل على مواصلة قتل الفلسطينيين، وتهديم البنية التحتية في غزة، ومنع الغذاء والدواء والمحروقات من الوصول إلى غزة، بل ورفض أي قرارات ومناشدات إلى درجة أن وزير خارجية إسرائيل لم يستطع أن يتقبل ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة في كلمته عن العدوان الإسرائيلي خلال جلسة لمجلس الأمن فقد دعا غوتيريش لوقف إطلاق نار إنساني معتبراً أن هجوم حماس لم يأت من فراغ، بل كان نتيجة 56 عاماً من الاحتلال الخانق والتهجير والاستيطان، غير أنه لا يبرر القتل الجماعي في غزة، فقد رأوا أراضيهم وهي تلتهمها المستوطنات بشكل متزايد، يعانون من العنف، من خنق اقتصادهم، وتهجير أهلهم، وهدم منازلهم، وقد تلاشت آمالهم في التوصل إلى حل سياسي لمحنتهم، ولكن مظالم الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تبرر الهجمات المروعة التي تشنها حماس، وهذه الهجمات المروعة لا يمكن أن تبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، ليرد عليه كوهين متسائلاً بأي عالم يعيش، القليل من الأطفال والرضع الذين لم يروا الشر، ولم يتسببوا في الشر، لكنهم ضحايا الشر، ويشهد هؤلاء الأطفال كل ما لا يمكن وصفه بالكلمات السيد الأمين، في أي عالم تعيش، بالتأكيد هذا ليس عالمنا. أما السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان فطالب الأمين العام غوتيريش بالاستقالة فوراً.
* *
هذه هي أمريكا، عجرفة، وفوقية، وقاتلة، ولها في كل موقع في طول الأرض وعرضها قصص دامية، ومواقف مشبوهة، وهي مع إسرائيل لا تبحث عن السلام، وإنما تسعى لإجهاض أي مبادرة لتحقيقه، وما عرضناه من موقف وزير خارجية إسرائيل وسفيرها في الأمم المتحدة يتجاوز كل الأعراف الدولية، ويؤكد أن إسرائيل بحماية أمريكا لها أن ترفض القرارات الدولية الشرعية، ولها أن ترد على أمين الأمم المتحدة بهذه الوقاحة، والإسفاف، والجهر بما لا يليق من الكلمات، فقط لأنه قال كلمة الحق، وصرح بما أملاه عليه ضميره، بعد أن وقف بنفسه على الوضع المأساوي في غزة، وشاهد الناس في غزة يقتلون بدم بارد، وتمنع عنهم الحياة، ويُرفض أي حل لمشكلتهم وتهجيرهم، واحتلال أراضيهم.
* *
المملكة فتحت الضوء الأخضر لإنهاء هذا القتال الدامي على كل المستويات، ففي مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أعلن المجلس مجدداً رفض استهداف المدنيين بشكل قاطع تحت أي ذريعة، وطالب بالتحرك العاجل لوقف العمليات العسكرية، وخفض التصعيد لتلافي تداعياته الخطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ومن جانبه أكد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان خلال تلقيه اتصالاً من الرئيس الأمريكي جو بايدن ضرورة العمل الفوري لبحث سبل وقف العمليات العسكرية في غزة واستعادة مسار السلام، ورفض استهداف المدنيين بأي شكل، أو استهداف البنى التحتية والمصالح الحيوية، أو التهجير القسري، ووقف التصعيد، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، ورفع الحصار، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، وهو موقف ثابت تاريخياً من القضية الفلسطينية ومن الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وهو ما لم يتم استثماره لإنهاء آخر استعمار في العالم، مع كل ما قدمته الرياض من مبادرات للسلام تقوم على حق الفلسطينيين بدولة على حدود عام 1967م إلى جانب دولة إسرائيل. والسبب أمريكا التي تحتفظ بالحل دون حل.