رضا إبراهيم
على غرار باقي الأعمال الترفيهية التقليدية، تُعد ألعاب «محاكاة الأعمال التجارية» أدوات تعليمية ترفيهية، التي تساعد على صقل المهارات في إدارة الأعمال، دون أي عواقب في العالم الحقيقي أوالضغوط في أماكن العمل، وهي ألعاب تشبه إلى حد كبير تجارب العمل الواقعية، لكن أي أخطاء قد تُرتكب فيها، لن يكون لها أي مخاطر أو تداعيات حقيقية، فكل الأخطاء تحدث فقط في اللعبة، وفي نفس الوقت يمكن أن تساعد أخطاء بدء التشغيل والأخطاء المهنية التي تحدث في ألعاب محاكاة الأعمال على تجنب الأخطاء المماثلة، وذلك حالة حدوثها في العالم الحقيقي.
وألعاب محاكاة الأعمال، تساعد أيضاً على صقل كل أنواع المهارات التجارية الصعبة واللينة، مثل الاتصال والقيادة والعمليات، وتُعد المحاكاة طريقة تعلم مبتكرة تعتمد دوماً على الكمبيوتر، وهي شكل متخصص من التعلم التجريبي، التي تركز على تحسين المهارات التجارية لصنع القرار وتحسين المعرفة المفهومية،والحصول على تقدير أفضل أنظمة إدارة الأعمال، حيث يجد المتعلمون وسيلة سهلة وفعَّالة للتعلم، من خلال مساعدة التكنولوجيا داخل بيئة توفر المحاكاة التجارية، وقد نشأت محاكاة الأعمال المدعومة بالكمبيوتر من الألعاب الحربية العسكرية، وظهرت إلى حيز الوجود في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، ومن وقتها تم استخدام ألعاب محاكاة الأعمال، بما في ذلك ألعاب الطاولة والأنشطة التجريبية المعتمدة على الكمبيوتر، باعتبارها أداة تعليمية لتدريس الإدارة.
وألعاب محاكاة الأعمال التجارية، يمكن أن تؤدي إلى إحدى النتيجتين أوكلاهما معاً، أولاهما «تدريب اللاعبين» على مهارات العمل الصعبة أو اللينة، وآخرهما «تقييم أداء اللاعبين» كمياً أو نوعياً، وتُستخدم ألعاب الأعمال كطريقة تدريس بالجامعات، وبشكل أكثر تحديداً في كليات إدارة الأعمال، ولكن أيضاً للتعليم التنفيذي، وعلى سبيل المثال تستخدم «جامعة واشنطن» منذ عام 1957م لعبة محاكاة الأعمال في فصولها الدراسية، كما تُستخدم ألعاب الأعمال أيضاً داخل الشركات للتدريب والتطوير الإداري، وفي بدايتها اتبعت الألعاب التجارية روح التجارب التي أجراها الجيش الأمريكي في الخمسينيات لتدريب جنوده، ومع حلول الستينيات أدرجت جامعات مختلفة ألعاباً تجارية في أقسام الاقتصاد والأعمال، حيث تم استخدام ألعاب الطاولة والأنشطة التجريبية لتعليم الطلاب، حتى حلَّت ألعاب الفيديو في النهاية مكانها واستمرت في التطور.
ويكمن سر نجاح ألعاب الأعمال بقدرتها على تمثيل مشاكل الحياة الواقعية، وتوفير الممارسة المباشرة للمعرفة والمهارات، وعبر أجهزة المحاكاة يتم منح المتعلمين بيئة آمنة، وبالتالي تفتقر إلى المخاطر الاقتصادية للانغماس بنفس مشكلات الشركة، التي يواجهها التنفيذيون في الشركة بانتظام والاستجابة والتفاعل معهم منذ البداية والتعلم التفاعلي، كما يتمثل أحد الجوانب الرئيسية الأخرى لألعاب محاكاة الأعمال، بقدرتها على جذب مخالطة المتعلم ومشاركته، لأن الأدمغة تتذكر المعرفة بشكل أفضل إذا شاركت بنشاط أو تفاعلت عند تعلمها، وبالمقارنة مع الدروس المستندة إلى الفصول الدراسية أو دروس الفيديو، فإن ألعاب الأعمال تعزز المشاركة المباشرة، بما في ذلك المشاركة العاطفية للمتعلمين وخفض التكلفة.
وعلى الرغم من أن تطوير لعبة تجارية، جيدة يتطلب الوقت والمعرفة والمال، إلا أن وفورات الحجم بمجرد إنشائها تتطلب ميزة تنافسية هائلة، فعلى عكس دروس الفصل الدراسي يمكن تنفيذ ألعاب الأعمال هذه بسرعة وأمان بأي مكان في العالم، وتتطلب العديد من أفضل ألعاب الأعمال المتوفرة حالياً من المتعلمين امتلاك هواتف ذكية واتصال بشبكة المعلومات الدولية، وتُستخدم ألعاب الأعمال لتدريس وتنمية المهارات والمفاهيم المتعلقة بالاقتصاد أو عالم الأعمال، ويمكن أن يشمل ذلك محتويات حول إدارة الشركات، أو الأعمال أو المالية أو الموارد البشرية أو المفاوضات، أو تداول الأسهم في سوق الأوراق المالية.
وبالنسبة لألعاب الأعمال التجارية الصغيرة، فهي ألعاب تدريب تفاعلي لأصحاب المشاريع الصغيرة، ولجميع الأشخاص الذين يرغبون في تعلم كيفية تحسين نجاح واستدامة الشركات الناشئة والأخرى الصغيرة، والهدف من لعبة التدريب التفاعلي اكتساب مهارات العمل الأساسية، وفهم العوامل التي تؤثر على نجاح الأعمال وفهم معنى التفكير والتمثيل الرياديين، والتعرف على كيفية تطوير المؤسسات الصغيرة جداً، وكشف التحديات والفرص لدفع المؤسسة إلى الأمام، ولفهم مبادئ المحاسبة والرقابة الأساسية.
وتطبيق أدوات مالية بسيطة، وتطوير فهم أفضل للعملاء، واكتساب المعرفة التسويقية الأساسية وإدراك ديناميكيات السوق والمنافسة، وفهم العلاقة بين مؤسسات التمويل الأصغر والعملاء، وإدراك الآثار المترتبة عليها، وزيادة المعرفة المالية وريادة الأعمال حول بدء عمل تجاري صغير وتشغيله، وذلك عبر فهم مبادئ المحاسبة الأساسية، وتطبيق الأدوات المالية البسيطة، مثل توقعات المبيعات والتدفقات النقدية والميزانية العمومية، وبيانات الأرباح والخسائر، وفهم دور أصحاب المصلحة التجاريين المختلفين.
مثل الموردين والعملاء والمقرضين والمنظمين، وتحديد الأهداف والاستراتيجيات للتعامل مع كل صاحب مصلحة وتعلم كيفية تحديد فرص عمل جديدة، عن طريق دخول أسواق جديدة أو تقديم منتجات إضافية، وإدارة الأحداث والمخاطر غير المتوقعة، وأيضاً تخطيط الاستثمارات والعمل مع المؤسسات المالية ومنتجاتها، وجنباً إلى جنب مع المدربين ذوي الخبرة، يتم تقسيم المواقف المعقدة وتتم مناقشة خيارات القرار، وأفضل الحلول بشكل فعال في مجموعات، ويتم وضعها في مقابل ممارسة الأعمال الحقيقية.
وقد تكون لعبة (مختبر الرأسمالية) الصادرة عام 1995م، واحدة من أفضل ألعاب المحاكاة في تعلم ريادة الأعمال، وهي كانت وقتها محاكي أعمال دقيقاً، استخدمته كل من جامعتي «هارفارد وستانفورد» للأغراض التعليمية، وعلى عكس معظم برامج محاكاة تعلم ريادة الأعمال، فإن لعبة مختبر الرأسمالية، لا تقيد صاحبها بسوق واحد، بل يمكنها التوسع في التسويق والعقارات والتصنيع والاستيراد والتصدير وبيع التجزئة، وهي لعبة ممتعة قد يفقد فيها اللاعبون أنفسهم في أعماق عالم الأعمال الذي تم تصويره.
وهي ليست لعبة شخص يتطلع للحصول على القليل من المرح، بل أولئك الذين يتطلعون لتعلم شيء ما حول ريادة الأعمال، كما تعتبر لعبة (آنو) من الألعاب الملهمة في معرفة كيفية تعلم ريادة الأعمال في عصر يحاكي تاريخ العصور الوسطى وبدايات عصر النهضة، وفي هذه اللعبة يصبح الشخص هو القائد الذي يجب عليه اتخاذ القرار، كما تركز الإستراتيجية الرئيسية للعبة آنو على المشاركة في التجارة، وتخزين مواد البناء وبناء المعالم، وتشييد دور العبادة مثل المساجد والكنائس.
وهناك لعبة تسمى (فيرتونوميس) وهي لعبة ضخمة متعددة اللاعبين عبر الإنترنت، تم إطلاقها عام 2006م وهي مجانية ومتوفرة بعدة لغات، وتستخدم لأغراض الترفيه والتدريب وتطوير القيادة، وهي مجموعة من ألعاب محاكاة الأعمال متعددة اللاعبين، وفي تلك اللعبة لا توجد قواعد محددة مسبقاً للفوز أو الخسارة، ولا تنتهي اللعبة على الرغم من أن المستخدمين يختارون أهدافهم في اللعبة، إذ إن الهدف الأكثر شيوعاً هو بناء مشروع تجاري ناجح في مجتمع تنافسي، كما يمكن للاعبين العمل في العديد من الصناعات، بما في ذلك الزراعة والتصنيع وتجارة التجزئة والتمويل والتسويق والعلوم.
وبالحديث عن لعبة (مدن السحاب)، فهي دون شك من الألعاب التي تؤكد على أن إدارة المدينة ليست مهمة سهلة، بل تحتاج إلى الكثير من الجهد والعمل المتواصل الذي لا ينتهي، ولعبة مدن السحاب واحدة من أشهر الألعاب التي تمنح فرصة تعلم ريادة الأعمال، وهي تتيح لأقوى لاعب فيها إمكانية هدم وإعادة بناء الأشياء بالطريقة التي ترضيه، ومع ذلك فإن إعادة الإعمار يتم تنفيذها في إطار الميزانية المسموحة له، مع شرط إبقاء المواطنين سعداء، وتعد تلك اللعبة مثيرة بشكل فعال، وقد جذبت العديد من اللاعبين ممن يحلمون ببناء مدنهم على طريقتهم الخاصة، فإلى جانب أنها لعبة مشوقة، إلا أنها تعطي أيضاً مجموعة من أقوى الدروس في علم الإدارة.
وفي ذات الوقت تقدم لعبة (المؤسس) للقائم بها، الأفكار الأولية للبدء في تأسيس شركته الناشئة، ويمكنه اختيار اسمه والمجال الذي يريده، وحتى الشركاء المؤسسين، حيث يتوفر لديه أموال مبدئية تتيح له العمل المنتج المبدئي، وبعد ذلك يمكنه تطويره إذا ثبت صلاحية الفكرة وحينها يدفع به إلى السوق، وتضع هذه اللعبة صاحبها في داخل مواقف واقعية، مثل مقدار المال الذي يجب أن يدفعه للعاملين في المقام الأول لإبقاء موظفيه سعداء.
وفي نفس الوقت تأخذ لعبة (نهضة الصناعة) صاحبها إلى أجواء القرن العشرين، وتتيح له بدء الأشياء من نقطة الصفر، وإدارة أعماله ونقلها إلى الأعلى، حيث تمكنه من بناء إمبراطورية متنامية، تحتاج فقط إلى أن يكون منظماً، وحينها يمكنه بناء أي شيء يريده، مثل فتح المصانع وخطوط النقل وكل ما على اللاعب فعله هو مراقبة ما هو غير موجود بالسوق، وإبرام الصفقات التجارية، كما أنها تتيح أيضاً خيار تغيير الأعمال أو توسعتها، وذلك اعتماداً على كيفية الأداء.