ملاك التويجري
لقد ظهرت مناطق التجارة الحرة كأدوات قوية لتعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمار الأجنبي. وهي تُعرف في السعودية باسم المناطق الاقتصادية الخاصة. والفرق بينها وبين مناطق التجارة الحرة هي أن المناطق الاقتصادية الخاصة تقدم حزماً شاملة من المزايا من ضمنها إعفاءات ضريبية، ولوائح مرنة، وحوافز استثمارية، وتطوير للبنية التحتية لجذب صناعات مختلفة وتشجع الابتكار ونقل التقنية، بينما تركز مناطق التجارة الحرة على تسهيل حركة التجارة من خلال تقديم رسوم جمركية مخفضة ووضع أنظمة تجارية مبسطة، مما يجعلها جذابة لأعمال الاستيراد والتصدير.
وقد برزت هذه المناطق بشكل أكبر في الصين، حيث أصبحت منطقة شنتشن الاقتصادية الخاصة -والتي تُعد أول منطقة في الصين- نموذجًا للدول الأخرى التي ترغب في تكرير ذلك النجاح. ومنذ ذلك الحين، أصبحت المناطق الاقتصادية الخاصة منتشرة على نطاق واسع، متفاوتة في النطاق والمجال. ويوجد في العالم الآن أكثر من 5400 منطقة، وعلى الرغم من اختلاف مسمياتها وأنشطتها، إلا أن جميعها تشترك في هدف أساسي وهو تحقيق النمو الاقتصادي.
بموجب رؤية 2030، أُطلقت الآن 4 مناطق اقتصادية خاصة في جيزان ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية ورأس الخير والرياض وتركز كل واحدة منها على مجالات معينة. وتحقق هذه المناطق الاقتصادية الخاصة فوائد عديدة لاقتصاد المملكة العربية السعودية، فهي تجذب الاستثمار الأجنبي وتخلق فرص عمل وتشجع على نقل المعرفة والتقنية وتنمي المواهب المحلية وتعزِّز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، كما أنها تنشط الصناعات المحلية وتساهم في نمو القطاع غير النفطي، مما يقلِّل من اعتماد المملكة على الإيرادات النفطية.
إن النهج الذي تتبعه المملكة العربية السعودية تجاه المناطق الاقتصادية الخاصة مصمم بشكل يتوافق مع الأهداف الاقتصادية وخطط التنمية الوطنية، إذ أخذت السعودية في الاعتبار موقعها الإستراتيجي ونقاط قوتها وأهدافها لإنشاء مناطق اقتصادية خاصة تتناسب مع رؤيتها للنمو الاقتصادي والتنويع بدلاً من مجرد استنساخ هذه المناطق من بلدان أخرى. وهي تدفع بالمملكة العربية السعودية إلى حقبة جديدة من الازدهار الاقتصادي والتقدم التقني وتجعلها مركزاً محورياً في العالم. ومن خلال إنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة، لا تضمن المملكة العربية السعودية مستقبلها فحسب، بل هي تصبح أيضًا منارة للابتكار ومركزًا لوجستيًا في المنطقة والعالم.