ليلى أمين السيف
في لحظات يجد المرء نفسه منكفياً على نفسه فلا طاقة له بهدر مشاعره أو شرح أفكاره أو البوح بآلامه فيلزم الصمت الذي يغنيه عن الشرح..واجترار الذكريات وهدر المشاعر.. فثمة أحاسيس لن يفهمها أحد وشهقات لن يشعر بها سوى الله. ولن يهتم لتفاصيل وجعك سواك..
ومهما أفضت في الشرح أو حتى حاولت تقريب فكرة ما فقد لا يفهمك أحدهم أو لن يلحظ خدوش قلبك أو يدرك غضبك المكتوم أو ثورات أفكارك.
ولن يتعاطف أحد مع حنقك المبهم وبكائك الصامت.
ودموعك المحرقة وفوضى أحاسيسك سواك..
فارفق بنفسك..وأسدل ستائر الصمت على كسور قلبك. فمهما حاولت وبذلت وسعك ليسمعك الآخرون أو يفهموك فإن كل قواميس اللغة لن تتسع لترجمة تنهداتك أو آهاتك..
قد تكون مشاعر ملخبطة أو فكرة ما لا يفهم أبعادها إلّاك..
أو حزن قديم تنكأه صورة مبعثرة هنا أو مكان يثير ذكرياتك القديمة أو ضحكة يتردد صداها في ذاكرتك.. كم من مرة تحاول بث همومك أو إيضاح رؤيتك أو توصيل فكرتك ليس ليواسوك أو ليقتنعوا بأفكارك بل لينصتوا لفضفضتك أو ليفهموا مشاعرك لكنهم لن يفهموا لا يريدون أن يفهموا.. بعضهم تكبراً وآخرون غير مقتنعين والكثيرون مجادلون وغيرهم قناعاتهم مختلفة عنك..
و حينها قد تتألم..قد تنزوي.. قد تختبئ.. ومع التجارب تفهم فتنجو بصمتك حين كاد حديثك أن يوردك المهالك. فمن ذا سيفهم كنه تفاصيل آلامك ونزفها غيرك.
تأوي إلى شاطئ آمن وتأنس حينها بربك بعد أن خذلك الناس. وتفهم أن في البوح كسراً وذلة وفي الصمت أحياناً عافية وعزة.. فلمَ تنكسر لغيره الذي لن يعامل مشاعرك كما ينبغي لها.. ومن الحكمة اعتناق الصمت والاستسلام لأقدار الله.. فقد يكونون محقين في رؤاهم وقد تكن أنت المخطئ..
بالمختصر المفيد التحف الصمت. فصمتك يغني ألف مرة عن البوح.. انزوِ لوحدك واتخذ الأنبياء لك قدوة فكلهم لزموا الصمت. وحين تعجز الحروف أن تترجم كل شيء.. فعليك بالصمت صديقاً. فكما الكتمان موجع فإن البوح أشد إيلاماً وأعظم نزفاً.. وكم أعز الصمت أقواماً وأرداهم المهالك الكلام.