عبدالمحسن بن علي المطلق
اليوم هي حالُ (غزّة) ..في قلوب ما فتئت تدعي لها وأهلها، من بعد أن (حُوصرت) من أي مدد سوى الدعاء، فلا نملك سواه، مع ترديد أن/ لاحول ولا قوة إلا بالله.
نتوجّع نعم ونتألم بالتأكيد، لكن.. والعدوّ يجوس خلال أرضكم هل ما يُكتب يخفف عما يوجّه لصدوركم الحاسرة، وإلى المجهول تُساق..، فضلاً أن يطبب.
وما نقدّم ونحن بأجلى صور ضعفنا وموقفنا قد ماد إلى أشدّ هوان تلقاء أُمم (لا تتحد) إلا على وجه من الظلم حسر عن كل ما كان يتشدّق به واليوم -بالذات-/ أربابه المؤثّرون أعني بين تلكم الأمم من إنسانية أمست لعين المتجرّد وكأنها لوحة مزاييك (..ذات الألوان المختلفة) مما يمكن التشكيل بها.. وبالتصاميم التي تريدها، فهذه كتلك لأنها على وِفق ما تروم (تتلوّن)، وأعني أنها حسب نوعية ذاك الإنسان قُطرهُ تحديداً.. تتكوّن.
ثمّ إن الحال المُشاهدة تنبئ أن لا شفيع.. أو ولي حميم تركنون إليه..
مما أعاد إلى أُفقنا توجّسات ما سلف وللصفوة منّا حدث بيوم تولّى في (شُعْب أبي طالب) والله.. أقصد ما رُزئتم به، وقد أزرى من شأنكم أن زاده ما دُمدم عليكم ما قبعتم به.
فما قصرت عن نقله القنوات - الفضائية- قامت به أدوات التواصل -الافتراضية-.. مغني عن الإخبار عنه، وفائضٌ عن الشرح ورده.. والمدى الذي بلغ الجرح، فما التبريح أمسى عدا حاشية لا يزيد نهمنا ذكرها، ولا يُنقص ألمكم ثلبها.
ثمّ.. وماذا تفيدكم بعد دفعكم جراحاً ماديةً إن بُرّح عنها بكلمات، وإن كنّا صادرات من قلوب جراحها معنوية، فبلغت منّا الحناجر..؟
بل هل -عندئذٍ - بكاء ينفع أو شكوى تفيدكم، فتمدّكم بشيء محسوس ملموس..؟
آهٍ أنفثها لكِ يا «غزّة».. ونحن نتفرّج وكأنه أمر تهريج، لا خطب أودى بالتوجّع وأزرى حتى الألم من حين شقّ صدى التضعضع، وزلزل كل من لديه شرو نقيرٍ من ضمير.. ما عساه يُقمع النائم، ويشجّ عمق المستكين..
وآهٍ أخرى.. لـ...
كأننا صغرنا أمامكم ألف قرن وكبرتم أنتم خلال شهر قرونا
مع الاعتذار للراحل نزار
وآهٍ ثالثةً، إذ لم يبق بأيدينا شيء ولو ليخفي عن أعيننا عجزنا، أو يخفف عنّا الوخز.
..ولكن مع كل هذا فلا نظن بربنا إلا خيراً (نُؤمله) لكم قد خبىء، وعسى تفاريحه قابت قوسي التحقق، وإن كانت دماؤكم لازالت تتدفّق..
فلكم من نصر أتى من بعد أن زُلزلت أقدام، وتداولت العباد ابتلاءات، ونتوءات أطت.. ما كادت المنى تتلاشى، والفرج ضاق مأمله، على النحو الذي يراه (جميل بثينة):
بِلا وَبِأَلّا أَستَطيعَ وَبِالمُنى
وَبِالوَعدِ حَتّى يَسأَمَ الوَعدَ آمِلُه
وصدق الحق {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ} هنا {جَاءهُمْ نَصْرُنَا} (يوسف الآية 110)، فيكون عطاءات ربنا تترى وسحائب فيضه تنهمر.
فكلما طال الصيام زاد الأجر وتشهّت النفس مطعمها أكثر والشراب.. لما يكون للنصر عندها من طعم أكبر
فربنا نرفع أكفّ الضراعة إليك، نسألك النصر الذي وعدت ونستنزلك الظفر الذي من امتحن فاجتاز.. ما يستحقّ.
فربنا كن لهم مؤيّداً ونصيراً
ربنا نناشدك وحدك، لا نتوكل إلا عليك.. لا خاب من رجاك، وما لنا سواك
ربنا رحمتك التي نشرتها على عبادك أزجي منها على القوم بنصيب وافر، ومدّهم بصبر يخفف من مصابهم ووطئ ما حلّ بهم .. بفوز عاجل يكافئ رباطهم، ونُجاح يماثل مصابرتهم ثمناً لجلدهم.
ربنا.. ندعوك دعاء الذليل، فأنت.. أنت الهادي والدليل أرحم حالهم، وفّي آمالهم، وأجعل الدائرة لهم، والمغنم طُراً إليهم.
والله المستعان...