د.عبدالرحيم محمود جاموس
من هو المتكلم المتكلس، هو ذلك المتحدث أو الكاتب أو الراوي للأحداث الذي لا تهزه التضحيات الجسام كما لا تحرك مشاعره الانتصارات، ولا يربط تلك التضحيات والانتصارات بأهداف وغايات واضحة وفق رؤية سياسية ناضجة وواضحة تثمر هذه التضحيات والإنجازات لحساب أهلها وشعبها ويتركها في مهب الريح للتجارة والمزاودة بها وبيعها في سوق التنابزات والاستقطابات السياسية الإقليمية والدولية من هذا المحور أو ذاك، إن ذلك يمثل هدراً لكل الطاقات والتضحيات بما فيها من آمال وإنجازات، فلا أحد يخوض الحرب لأجل الحرب خاصة من الشعوب المحتلة والمستعمرة، بل ويقدم فيها أغلى ما يملك ويضحي بلا حدود، إنما ذلك من أجل أهداف وغايات سامية يتصدرها حماية الوطن والموطن وتحرير الوطن والمواطن واستعادة حقوق مسلوبة أو مغتصبة، واستعادة الحرية والكرامة المهدورة أو المصادرة.
إن شعب فلسطين يخوض صراعه مع الكيان الصهيوني وقوى الغرب المتحالفة معه والذي بات يعلن دعمه اللا محدود له في ارتكاب جرائم حربه وإرهابه في حق الشعب الفلسطيني كما تجلى في عدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة، لقد انجلت كل المواقف التي كانت تمارس النفاق السياسي على مدى خمسة وسبعين عاماً مضت من الصراع والعدوان دون أن يتوقف هذا النفاق السياسي الغربي والمنحاز والمتكلس والفاقد لأي شعور إنساني ضد مصالح الشعب الفلسطيني واستباحة حقوقه الأساسية الإنسانية والسياسية والقانونية، في العيش بحرية وكرامة في وطنه وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان وإزالة الجدار كل هذا وذاك من انتهاك لحقوقه الإنسانية الأساسية في أبسط أشكالها، لقد باتت قوى الغرب هي الحامية وهي الصانعة أصلا لكيان المستعمرة الإسرائيلية والضامنة لها ولاستمرارها واستمرار إجرامها وإرهابها للشعب الفلسطيني، دون خجل أو وجل لما فيه من تحقيق لمصالحها الاستعمارية.
إن صمود ونضال الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات ليس صموداً أو نضالاً عبثياً.. وإنما هو كفاح مستمر ومتواصل ومشروع من أجل غاياته وأهدافه الوطنية والمشروعة والتي يقرها له القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والمتمثلة في حق العودة إلى وطنه ومدنه وقراه التي هجر منها سنة 1948م إثر حرب التطهير العرقي الذي مارستها العصابات الصهيونية في حقه بدعم من قوى الاستعمار.
إن العدوان اليوم على قطاع غزة خاصة وفلسطين عامة والعدوان الإسرائيلي المستمر يهدف إلى تقويض نضال الشعب الفلسطيني وتقويض حقوقه الوطنية والقومية المشروعة في وطنه فلسطين وتصفية قضيته العادلة، عبر استمرار سياسات القتل والتطهير العرقي والحصار والتجويع والتهجير الممنهجة والتي تمارسها وتنفذها حكومة المستعمرة بدعم من القوى الغربية وعلى رأسها أميركا وإنجلترا وألمانيا وفرنسا وبقية حكومات أوروبا صانعة النكبة الفلسطينية والمتآمرة على حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية في العيش بحرية وكرامة ومساواة في وطنه.
إن الغرب الاستعماري لا يزال يكيل بمكيالين ويوفر كل أشكال الدعم للعدوان الإسرائيلي الذي تجاوز كافة الحدود والمعايير القانونية والأخلاقية.. ولا يحركه استهداف المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وكبار سن ومدنيين وتدمير مساكنهم فوق رؤوسهم وتدمير كل مقومات الحياة وسبل العيش الكريم لهم ولكل من يعيش اليوم في قطاع غزة مهدداً حياتهم ومعرضها للخطر المحقق للجميع في مناطق العدوان لقد فاق عدد الضحايا كل تصور أكثر من ثمانية آلاف شهيد وعشرات ألوف الجرحى ومئات ألوف المشردين من منازلهم المدمرة والهائمين على وجوههم تحت القصف... فمن لم يمت بغارات العدوان الإسرائيلي وتحت الردم... عليه أن يموت إما عطشاً أو جوعاً أو مرضاً، فلا يوجد أي ضمير عند هذا الغرب المتوحش والمتكلس وحكوماته الداعمة لعدم وقف هذا العدوان الهمجي وردع إسرائيل عن مواصلة غيها واستهدافاتها الخبيثة، رغم كل المناشدات الدولية والإنسانية والمظاهرات الشعبية والسلمية التي خرجت في مختلف العواصم الغربية المطالبة بوقف العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبقية أراضي فلسطين المحتلة والمطالبة بحرية فلسطين وشعبها والمنددة بالعدوان الإسرائيلي الذي تجاوز كافة الحدود وكافة قواعد القانون الدولي الإنساني وكافة قواعد قوانين الحرب فيما يتعلق بتوفير الحماية للمدنيين وقت الحرب.
رغم ارتفاع عدد شهداء وضحايا العدوان الإسرائيلي، سيبقى الشعب الفلسطيني صامداً في وطنه ومكافحا من أجل استعادة حقوقه ولن يثنيه هذا الإرهاب والإجرام والعدوان ولا الانحياز الغربي الأعمى لصالح العدوان والإرهاب حتى يحقق أهدافه الوطنية والإنسانية المشروعة غير القابلة للتصرف.