العقيد م. محمد بن فراج الشهري
هذا هو منهج أمريكا منذ بدايتها وحتي يومنا هذا، وهذا بكل وضوح من خلال سياستها منذ افتراس وذبح سكان القارة الأصليين، كنتيجة ما يسمي بـ (الديمقراطية الأمريكية) والعمل على إزالة الأوهام، واكتشاف أوهام وأكاذيب الحرية التي تزعم أمريكا أنها الحامية الأولى لها في كل مكان في العالم، بل يجب تقييم التجربة الأمريكية برمتها، أوما يحلو لقادة أمريكا بتسميتها بالحلم الأمريكي، فهذا الحلم تحول إلى كابوس مرعب ليس للعالم، بل لبعض الأمريكيين أنفسهم، الذين لن يحتملوا جنوح بلادهم إلى حافة الهاوية والانحطاط، فمادية المجتمع الأمريكي وعسكريته كما يقول (روبرت دول) في كتابه الكابوس الأمريكي تدعو إلى القرف اليوم أكثر من الأمس» يقول (روبرت دول): إن العقلية الأمريكية هي انعكاس لبيوريتارية القرن السابع عشر الميلادي، حيث يرى ان هناك أربعة آثار لبيوريتارية تبدو واضحة اليوم في السلوك الأمريكي المعاصر، وهي العدوانية المتوحشة والاعتقاد بأنهم شعب الله المختار على الأرض والفظاظة المؤسسة، وتقليد الاعترافات العلني، وبالرغم من أن (دول) هو كاتب أمريكي بيوريتاني من حركة المتطهرين الأمريكية، إلا أنه مع ذلك لم يستطع العيش في ظل القيم المادية التي تحكم المجتمع الأمريكي، لذلك رحل إلى كندا منذ عام 1977م.
وقال إن هربه للخارج ليس خيانة لبلده ولكنه يأبى مشاهدته وهو يسير مسرعاً في طريق (الانحطاط)، ولهذا يدعو روبرت دول إلى عدم تكرار التجربة الأمريكية، أو الاقتداء بها في أي مكان في العالم.
هذا هو رأي كاتب أمريكي له وزنه عاش في صميم المجتمع الأمريكي، ولاحظ عوامل انحطاطه، وتحوله إلى كابوس رهيب يهدد الشعب الأمريكي نفسه، بنفس الدرجة التي يهدد بها العالم.. هذا هو بعض من أطراف الوجه الأمريكي، أما الطرف الآخر فهو ما نشاهده الآن عياناً بياناً من انحياز كامل وغير مشروع لإسرائيل، وتحريك الأساطيل، والبوارج، وحاملات الطائرات في الشرق الأوسط من أجل قهر الشعب الفلسطيني الذي يطالب بأبسط حقوقه.
لقد انهارت زعامة أمريكا وتحللت من كافة الأعراف الإنسانية، والدبلوماسية، والدولية، وأوقفت مجلس الأمن على عكاز أعرج لا حيلة له في شيء.. ولأمريكا وأوروبا وجهان عبر التاريخ.. وجه داخل بلادهم من ثورات وانتفاضات من أجل الحرية والمساواة، ووجه خارج بلادهم لاستعمار البلاد الضعيفة، واستغلال ثرواتها وقتل شعوبها وعبث إسرائيل في فلسطين تحت وهم أرض الميعاد التي وعد الله سبحانه وتعالى به اليهود بعد الشتات والوجه الثاني يبتعد عن المشهد كثيرًا لكنه ظهر واستمر مع زرع إسرائيل في فلسطين، والحقيقة أنه كان سياسيًا كان طريقة إنجلترا لإضعاف الأمة العربية التي كانت تذهب إلى الاستقلال بدلا عن الاستعمار، سواء من الاستعمار البريطاني، أو الفرنسي، أو الإيطالي، وكل من استعمروا معظم بلاد العرب، وقد ظهر بجلاء تحيزهم الواضح للكيان الصهيوني في مجازره الأخيرة في غزة والتي تنكرها البشرية جمعاء... مجازر وحشية لأطفال ونساء ومدنيين وهدم المستشفيات على رؤوس المصابين فيها، ورغم ذلك يقولون إسرائيل تدافع عن نفسها.
أما أمريكا فالشعوب كافة تعرف الوجه الأمريكي، الذي أصلاها ناراً ذات لهب، في هيروشيما، وناغ زاكي، وكوريا، وفيتنام، ولاوس، وكمبوديا، وتشيلي، وأبو غريب في العراق، وغوانتانامو، وفي الإقليم المنكوب. علاوة على هذا الوجه وجه الكيان الصهيوني الوحشي المستنسخ عن هذه القوة الجبارة، الوحش الذي اتبع مسلسلات الرعب الدامية «سلامة الجليل حزيران 1982» وعناقيد الغضب حزيران 1996م، وحرب لبنان الثانية ومجزرة قانا نيسان 2006م، والرصاص المصبوب «كانون الأول 2008» واستمرار هذه المسلسلات حتى عامنا هذا 2023م، بأبشع الجرائم والمناظر الدموية في غزة والضفة الغربية وكافة قرى فلسطين بحماية أمريكية على النهج الأمريكي الأعور في كل قضايا الشرق الأوسط وعلى رأسها قضية فلسطين.
أمريكا التي تقول إنها تتبع الديموقراطية والحريّة، أمريكا القطب الأوحد الذي يحكم العالم وملاذ المظلومين. إلا أن كل هذه المبادئ والشعارات التي خدعتنا بها سنوات اكتشفت وظهر زيفها وكذبها، واكتشف العالم الوجه القبيح للسياسة الأمريكية وما تخططه من مؤامرات وخراب لدول كثيرة، امتدادا للسياسة التي يقودها الرئيس الأمريكي بايدن بكل انحياز وغطرسة وهمجية، وكان واضحاً في إسرائيل في كلمته التي أوضح فيها عدم الالتزام بأي مبادئ أخلاقية أو دولية أو إنسانية بل على العكس حرك الأساطيل والبارجات وحاملات الطائرات، وأعطى الضوء لهدم البيوت على سكان غزة وقتل الأطفال والنساء العزل وهدم المستشفيات على رؤوس المرضى بها، فلم يعد هناك أي قناع تستتر به أمريكا، وزيف ديموقراطيتها، وأظهرت بكل وضوح وجهها الحقيقي لكل سكان الكرة الأرضية، أما بريطانيا فحدث ولا حرج والمخزي أن نرى رئيس وزراء بريطانيا (سوناك) عندما وصل إلى إسرائيل على متن طائرة عسكرية لشحن السلاح في صورة لم ير العالم مثيلا لذلك التصرف من قبل.. رئيس الوزراء البريطاني يخرج من بين الأسلحة والعتاد العسكري من داخل طائرة شحن عسكرية؟! أثناء زيارة رسمية لدعم مجازر إسرائيل وجرائمها،خرج من بين أكوام الحديد والبارود،ولم ينزل على السلّم الرسمي ولا السجادة الحمراء بل نزل من بين العتاد العسكري،هذا ايضًا هو وجه من أوجه الغرب القبيح يظهر بوضوح ليشرعن قتل المسلمين بصورة لم تشهدها شرعة الغاب ولا ايّة وحشية رعناء سابقًا.. غرب يقلب الحقائق ويجعل المجرم الظالم المحتل هو الضحية فواعجبي...؟!