»الجزيرة» - سلطان الحارثي:
أنصف الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، أسطورة الكرة السعودية، وأفضل من داعبها خلال العقد الأخير، قائد فريق الهلال والمنتخب السعودي الكابتن سالم الدوسري، الذي استلم مساء يوم الثلاثاء الماضي، جائزة أفضل لاعب آسيوي لعام 2022، بعد أن توقفت الجائزة لمدة 4 سنوات بسبب أزمة كورونا، وما تلاها من ظروف تخص الاتحاد القاري.
سالم الدوسري الذي بدأ مسيرته الكروية مع نادي الهلال موسم 2011، لاعباً شاباً قادماً من حواري الرياض، بالتأكيد لم يكن يخطر بباله أن يصل لقمة القارة الصفراء، ويحقق جائزة أفضل لاعب آسيوي، ليكتب اسمه ضمن صفوة نجوم القارة، إلا أنه آمن بموهبته، وصقلها بكل احترافية، واستطاع أن يفرض نفسه على التاريخ الآسيوي وليس السعودي فقط.
سالم، لم تكن بدايته مع فريق الهلال إلا مؤشرا على بداية لاعب موهوب، وكأنه يقول للوسط الرياضي: «أنا رمز هذا الجيل الكروي»، إلا أن تذبذب مستوياته في مرحلته الأولى، وعدم استقراره، كاد يؤدي به إلى نهاية غير سعيدة مثل بعض زملائه، الذين انتهوا مبكراً، وأصبحوا نسياً منسيا، رغم ما يملكونه من موهبة، اختفت بسبب سوء تصرفاتهم، وعدم التزامهم، ولكن القريبين من سالم الدوسري، كانوا أمناء معه، ولم يخدعوه بضوء النجومية والتقرب، وكان لذلك النصح فوائد عظيمة، جعلت سالم يرتقي منصات الذهب المحلي والقاري والعالمي، ليصبح اللاعب الأبرز في هذا الجيل، ومن أبرز أساطير كرة القدم السعودية على مر التاريخ.
نقطتان، نجزم أنهما غيّرتا من حياة سالم الدوسري، ليكون الأفضل كروياً على الاطلاق، ويحصد جائزة أفضل لاعب آسيوي:
الأولى: استقراره بالزواج، وهذه كانت مهمة جداً في حياة سالم الدوسري، فالأضواء والجماهيرية والمال، عصفت ببعض زملاء سالم، ولكنه بالاستقرار استطاع أن يعيد ترتيب نفسه من جديد، ليمنحنا نسخة عظيمة للاعب سطر أعظم الملاحم الكروية سواء مع الأخضر السعودي أو فريقه الهلال.
النقطة الثانية التي غيّرت من حياة الدوسري: احترافه الخارجي في إسبانيا: وإن كانت مدة الاحتراف قصيرة «ستة أشهر»، إلا أنها كانت مفيدة في حياة سالم الدوسري، وهو اللاعب الوحيد الذي استفاد من احترافه الخارجي، وعاد بشكل مختلف، حيث نضج كروياً واحترافياً،ليصل اليوم لقمة هرم كرة القدم الآسيوية، ويسجل اسمه بجانب أساطير كرة القدم السعودية، ويكتب اسمه ضمن قائمة عظماء آسيا الذين سبق وحققوا هذه الجائزة التي انطلقت بشكلها الرسمي عام 1994، مثل سعيد العويران ونواف التمياط وحمد المنتشري وياسر القحطاني وناصر الشمراني.
سالم الدوسري، حقق في كرة القدم ما يتمنى أن يحقق نصفه لاعبي كرة القدم، فقد لعب في جميع المحافل التي أُتيح له المشاركة فيها، وكان الأبرز من بين زملائه، وسجل في جميع المحافل التي شارك فيها.
سالم، يملك مع فريق الهلال، 16 لقبا، حيث سبق وأن حقق لقب الدوري السعودي خمس مرات، وحقق كأس ولي العهد ثلاث مرات، وحقق كأس الملك ثلاث مرات، وحقق كأس السوبر السعودي ثلاث مرات، كما حقق دوري أبطال آسيا ثلاث مرات، ولعب في كأس العالم للمنتخبات عامي 2018 في روسيا و2022 في قطر، واستطاع أن يخلد اسمه في الذاكرة العالمية، حيث سجل في كأس العالم 2018 هدفا في منتخب مصر، وفي 2022 سجل هدفين، الأول كان في مرمى منتخب الأرجنتين «بطل كأس العالم»، ولعل هذا الهدف هو الأبرز والأغلى في مسيرة الدوسري، والثاني كان أمام منتخب المكسيك، وهذا الرقم لم يسبقه عليه سوى الأسطورة الكروية سامي الجابر، الذي لعب في كأس العالم أربع مرات، واستطاع التسجيل في ثلاثة مونديالات منها، بينما سالم لعب في مونديالين، وسجل ثلاثة أهداف.
سالم الدوسري، لم يتوقف عند هذا الحد، فقد استطاع أن يسجل في كأس العالم للأندية مع فريق الهلال، في ثلاث مشاركات، حيث سجل أول أهدافه في كأس العالم للأندية عام 2019 أمام فريق فلامنجو البرازيلي، وفي كأس العالم للأندية نسخة 2021 سجل هدف في فريق الجزيرة الإماراتي، كما سجل هدفين في فريق فلامنجو البرازيلي في كأس العالم نسخة 2022، وحصد جائزة أفضل لاعب في تلك المباراة، ويعد سالم الدوسري اللاعب العربي والسعودي الوحيد الذي سجل في (تصفيات كأس العالم، نهائيات كأس العالم للمنتخبات، نهائيات كأس العالم للشباب، كأس العالم للأندية، دورة الألعاب الأولمبية الدولية، نهائيات كأس آسيا للمنتخبات، دوري أبطال آسيا).
لسالم الدوسري مساهمات مباشرة في تحقيق الإنجازات مع فريقه الهلال، وكان من الأسباب الرئيسية في عودة الهلال لتحقيق لقب دوري أبطال آسيا 2019 و 2021، والأخيرة حقق من خلالها لقب أفضل لاعب في دوري أبطال آسيا، كما أنه ساهم بشكل مباشر في تألق الهلال في كأس العالم للأندية في ثلاث نسخ أعوام 2019 و2021 و2022، حتى وصل في النسخة الأخيرة لنهائي كأس العالم للأندية، وحقق المنجز الأعظم على مستوى كرة القدم السعودية، ونال الوصافة العالمية، بعد أن التقى بفريق ريال مدريد، أما مساهمات سالم على مستوى البطولات المحلية، فحدث ولا حرج، ألا يكفي أنه كان من أبرز نجوم الهلال الذين حققوا في آخر خمسة مواسم أربع بطولات دوري، وكان لسالم دور كبير في تحقيق هذه الألقاب.
سالم الدوسري صاحب الـ32 عاماً، سجل اسمه في صفحات المجد الكروي، وفرض نفسه على المجتمع الرياضي، بإنجازاته الكبيرة، وأهدافه الجميلة والمؤثرة، واليوم يقف الوسط الرياضي السعودي بكافة انتماءاته ليصفق لهذا النجم الذي بذل وأعطى، وما زال أمامه سنوات قليلة، ربما يستطيع من خلالها القفز على من سبقه من النجوم، وهذا حق مشاع لنجم، بدأ مسيرته بموهبة فذة، استطاع صقلها من خلال عدة عوامل أثرت في حياته الكروية، لتخرج لنا قصة نجم، سيحكيها هذا الجيل للأجيال القادمة بشيء من الفخر والاعتزاز.
سالم الدوسري بدأ مسيرته نجماً لامعاً، واستمر في التألق والنجومية، حتى وصل لقمة المجد الآسيوي، وحصد جائزة أفضل لاعب آسيوي عن كل جدارة واستحقاق، فهنيئاً لنا بهذا النجم السعودي المتألق، وهنيئاً لفريق الهلال، بسالم الدوسري، الذي استطاع أن يفرض نفسه على المدرب العالمي جيسوس، في ظل وجود ثمانية لاعبين أجانب على أعلى مستوى، ألا يكفي أنه استطاع أن يلعب بجانب النجم العالمي نيمار، ويزاحم لاعبي الوسط المبدعين «مالكوم وميشائيل وسافيتش ونيفيز»، بل ويتقدم عليهم، بهمة لا تتثاءب، وقدرات فنية لا تجارى، وتقفز على كل الحواجز التي قد تعوقه عن الاستمرار في حصد الألقاب الجماعية والفردية.