مشعل الصخيبر
عندما يكون الحديث عن ظاهرة شعرية وقامة إنسانية ورجل دولة عسكري برتبة عميد بالحرس الوطني، بحجم الشاعر الكبير الراحل مساعد بن ربيع الرشيدي -رحمه الله- الذي رحل قبل سبعة أعوام، خاصة إذا كانت من محب له ولشعره فأنت تكتب هامة شعرية تخشى أن لا توفيه قدره، لأن محبيه كثر وجمهوره أكثر وشعبيته جارفة ليست في المملكة العربية السعودية فحسب بل بالخليج والعالم العربي، فلشعر مساعد تطرب المسامع لأنه يلامس الوجدان ويعبِّر عن ما في الخواطر والمشاعر. كتب مساعد للوطن والغزل والغربة والعزة والشموخ والاعتزاز بالنفس وغيرها من القصائد الاجتماعية، فلا يزال محبوه يرددون شعره ويحفظون قصائده رغم رحيله، فعندما تسمع لشعره بصوته وبين جمهوره الذي تكتظ به القاعات سواء في السعودية أو دول الخليج من خلال الأمسيات الشعرية أو المناسبات الخاصة فإن هذا الشاعر الكبير يأخذك إلى عالمه الشعري بقوة شعره وبساطة وعمق مفردته وهيبة إلقائه لقصائده. كاتب هذه السطور ليس بشاعر ولكنه متذوق لشعر ومحب لشعراء أطلق جمهور الشاعر الرشيدي عليه الكثير من الألقاب ومنها متنبي العصر وسيف العشق نسبة لقصيدته المشهورة وغيرها من الألقاب التي تليق بقامة وقيمة شعرية أجزم بأن مساعد ظاهرة شعرية لن تتكرر مع احترامي لبقية الشعراء، فرغم رحيل الشاعر مساعد إلا أن جمهوره الغفير لايزال يردد شعره ويحفظ قصائده التي تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي فنال محبة الجميع من جميع أطياف المجتمع السعودي من أسره وقبائله، الكل أجمع على محبة هذا الشاعر الكبير قدراً وشعراً، فعندما يتحدث مساعد على المستوى الشخصي تجد أنك أمام إنسان حقيقي واضح وصريح لا يعرف التصنع يغلب عليه الطابع الإنساني، وعندما تراه بزيه العسكري وبحسب مقربين منه فأنت أمام رجل عسكري يستحق الرتبة التي يحملها لصدقه ومحبته لوطنه وقوة شخصيته، فالحديث عن مساعد شاعراً أو إنساناً أو ضابطاً أجزم بأنه يحتاج لمقالات عدة لأنك لا تتحدث عن شخصية عامة ولا تتحدث عن شخصية فريدة من نوعها، بل تحدث عن شخصية أقل ما يقال عنها إنها شخصية موهوبة تجتمع فيها العديد من الصفات والمكارم والمزايا التي برز مساعد فيها، وسطع نجمه في عالم الشعر في الثمانينات الميلادية من خلال عدد من المجلات آن ذاك التي كانت تهتم بالشعر والموروث الشعري كمجلة الغدير وقطوف والمختلف ومن ثم فواصل وغيرها من الصحف المطبوعة التي تهتم بالشعر وتقدر الشعراءوتعتبر همزة الوصل بين الشاعر وجمهوره كصحيفة الجزيرة، كتب الراحل الرشيدي العديد من القصائد التي لا تزال محفورة في أذهان المحبين.. يقول: رحمه الله عن الوطن:
وطن يسعد صباحك يا وطنّا والعمار فداك
تباكرك الرعود وينثني لك غصن بارقها
وطن يسعد مساك الشمس ما غابت تبي فرقاك
تعدت للمغيب تعلّمه عن طيب مشرقها
الكل يتذكر قصيدته المشهورة التي أطلق عليها اسم «سيف العشق» إذ يقول فيها:
ما قلتلك عمر سيف العشق ما يقتلك
ما تشوفني حي قدامك وأنا أموت فيك
ويقول عن الغربة قصيدته المشهورة التي تغنت بها الفنانة الإماراتية أحلام:
حزين من الظماء والا حزين من الشتاء يا طير
دخيل الريشيتين اللي تضمك (حِلْ) عن عيني
ويقول عن الترفع عن بعض البشر:
لا تواضع للوضيع يضيع قدرك
منت مجبور على بعض التواضع
ويقول معتزاً بنفسه:
والله اني بالطويل المستقلي
رافعٍ نفسي عن علوم الدناعه
ذا مكاني باللزوم وذا محلي
كل ما ضاقت على قلب الرعاعه
قصائد مساعد كثيرة وكل واحدة أجمل من سابقتها عندما تستمع لشعره فإنه يأخذك لعالمه ويبحر بك على سفينة شعره التي لا يستطيع الدخول بها والخروج بين أمواج القصيد إلا ربانها الشاعر مساعد بذكائه وحكمته الشعرية واختياره لمفردات شعرية لا تشبه أحداً إلا مساعد، رحم الله الشاعر الكبير مساعد بن ربيع الرشيدي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.