نوف بنت عبدالله الحسين
قدّمت ملكة الدنمارك الملكة مارغريت في عمر 83، الجانب الإبداعي والحس الفني الذي تملكه لتشارك في تصميم مواقع التصوير لفيلم (إيرنغارد) المقتبس من رواية الكاتبة الدنماركية (كارين بليكسن)، حيث برز حسها الفني في تقديم لوحات من فن الديكوباج، والمشاركة في تصميم الأزياء لحقبة زمنية تواكب أحداث الرواية.
وليست هذه هي التجربة الوحيدة لها في الجانب الإبداعي، بل إنها شاركت في تصميم مسرح بانتونيم في كوبنهاجن عام 2001م، وشاركت في تصميم الكثير في أزياء البالية وديكور العروض الفنية على المسرح كباليه كسارة البندق.
وقد اشتهرت باسم مستعار (انغليد جارثر) حين رسمت الصور في الأحداث الخاصة باللغة الدنماركية لسلسلة الكتب الشهيرة (ملك الخواتم).
إن اتقاء الشغف مهمة ليست سهلة، واستمرار ممارسة الهواية نؤجلها دومًا لانشغالنا بتفاصيل الحياة المرهقة، فلا نجد لهواياتنا وقتًا، وتموت في زحمة الأيام، لندرك بعد ذلك أننا هدرنا الوقت الذي كان ينبغي أن نمارس هوايتنا لتتوازن الحياة أمامنا.
وما بين المسؤوليات المترامية، ومحاولة إيجاد مساحة خاصة، تكمن المهارة في البحث عن وقت مستقطع من كل شيء لتمارس ما تحبه مبتعدًا بذلك عن زخم الحياة ديناميكيتها المؤرقة، مفرغًا بذلك نفسك المثقلة من تراكمات الحياة ومفاجآتها القاسية.
فالبحث عن ممارسة إبداعية وتنفيسية تحتاج إلى إعطائها أولوية، وكثير منا يرى أنه لا يملك هواية، والحقيقة أنه إن لم تكتشف هوايتك بعد فلتقم بعمل شيء مختلف، ازرع نبتة مثلًا، أو اركب دراجة، جرّب أن تمسك فرشاة وتسكب لونًا، جرّب أن تكتب قصيدة حتى ولو كانت بلا قافية، أو العب لعبة فكرية، ابتكر عنوانًا لكتب قرأتها، أو اخلط عطرًا لتأتي بعطر جديد، أو داعب طينة خزفية لتصنع كوبًا لمن تحب، وابتعد قليلًا عن مستهلكات الروح من وسائل التواصل، فهناك حياة أخرى تنتظرك، وممارسات أجمل بحاجة إلى أن تجربها وتختبر شعورك تجاهها، ومرآة مختلفة تشبهك!، كن مقدامًا على التجارب حيث إن هذه التجارب ستدلك على هوايتك التي تشبهك، وقد تجد فيها عالمًا خاصّا بك، ولربما وجدت في طريق الهواية احترافًا، لتضع بصمتك الأجمل في ميادين الحياة.
وحين سئل د.غازي القصيبي عن اللقب الذي يفضل أن يطلق عليه وهو السفير والوزير والدبلوماسي والمؤثر، فقال: أفضل أن أكون الشاعر غازي القصيبي، لتنتصر الهواية على كل هذه الإنجازات، وليظهر الجوهر الحقيقي للإنسان، ولتكن مؤلفاته العظيمة شاهدة على تأثير الهواية والبصمة الحقيقية للإنسان في هذه الحياة.