سهام القحطاني
«إن التعليم ركيزة أساسية تتحقق بها تطلعات شعبنا نحو التقدم والازدهار والتنمية والرقي الحضاري في المعارف والعلوم النافعة،والشباب هم أمل الأمة وعدة المستقبل» «-خادم الحرمين الشريفين-الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود».
في ظل رؤية 2030 التنويرية كل المفاهيم نحو التنمية اختلفت، بما في ذلك مفهوم التنمية على مستوى التعليم الذي كان وما يزال الرهان الرابح لهذه الدولة المباركة الذي يتجاوز أكثر من نصف سكانها من فئة الأطفال والشباب وهو ما يجعل التعليم المصدر الأول لصناعة المستقبل عبر هذا الوسيط البشري الذي كما وصفه ولي العهد محمد بن سلمان -حفظه الله-بأنه الثروة الحقيقية لهذه البلاد المباركة.
وانطلاقا من هذه الأهمية الكبرى للتعليم، ظلت وزارة التعليم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد محمد بن سلمان -حفظهما الله- تسعى إلى تطوير التعليم بمرفقاته المختلفة؛ حتى يكون قادرا على مواكبة التحديات العالمية و مستجدات المعرفة و وسائلها ووسائطها، و تحديثات ميزان القوى العالمية؛ فالتعليم أساس كل التغير،و هو ما يعني الوصول إلى حاصل الغاية الكبرى، وهي خلق «المتعلّم المنافِس عالميا»، وهذا التنافس العالمي هو الذي تسعى إليه رؤية 2030 في التعليم خاصة وفي كل مناحي التنمية على العموم، أي تحوّل المتعلّم من نطاق الخاص المحلي إلى شريك عالمي.
فدخول « قيمة المتعلّم العالمي» في استراتيجية تطوير التعليم انطلقت من عدة محاور منها: تغير المناهج و أدوات التقويم وخاصة في مقررات الرياضيات و العلوم، التركيز على استثمار مهارات الطلاب والطالبات لصقل ثقة الطالب والطالبة بقدراتهما وإمكانياتهما على خوض أي منافسة، فالتعليم في زمن المنصات المعرفية لم يعدّ قالبا صفيا بل اكتشافا لمهارات المتعلّم واستثمارها، كما قال ولي العهد -حفظه الله «مصادر التعليم أصبحت مفتوحة والتركيز الآن على المهارات».
إضافة إلى المنافسة في الاختبارات الدولية التي تكشف مؤشرات قوة النظام التعليمي في المملكة، والمشاركة في المعارض العلمية و تجارب الابتكارات العالمية بالتنسيق مع قطاع البحث والتطوير والابتكار بقيادة و لي العهد محمد بن سلمان.
،وكل جوانب التطوير السابقة تواكبت مع مقررات دراسية جديدة تعتني بتنمية مهارات الطالب الفكرية واللغوية وتساند تلك التطورات لتحقيق الغاية الكبرى، مثل مقرر التفكير الناقد واللغة الصينية.
وبلاشك فإن اللغة الأجنبية هي مفتاح المتعلّم للتنافس العالمي والوسيط الثقافي الذي تجتمع من خلاله جميع الخبرات،و الوسيلة الناجحة لتبادل التجارب ،والانفتاح حول الشراكات مع الآخر، هذا الانفتاح الذي يعلّم طلابنا التوافق مع الاختلاف و احترامه و الاستفادة منه.
وتلك مبادئ في مجملها هي من غايات التعليم ومخرجاته الأبرز، فالأحادية قالب مسكوك عانينا منه الأمرين في سابق الأيام.
قد يرى الكثير أن تعليم اللغات الأجنبية في مدارسنا سوى اللغة الإنجليزية أو اللغة الصينية حاليا، مجرد اكتساب مهارات تعليمية، صحيح أن هذا هدف كبير من أهداف تعلّم اللغة الأجنبية، إضافة إلى أهداف أخرى لا تقل أهمية عن الهدف الأول، ومنها: انفتاح المتعلّم على ثقافات الشعوب وآدابها وطرائق تفكيرها، وترسيخ أسس احترام الآخر وثقافته، وقيمة الشراكة معه في تطوير التجربة الإنسانية من باب أن «المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف» و تعلّم اللغات الأجنبية هي مصدر قوة يستطيع من خلالها المؤمن الحوار وتصحيح الرؤية الخاطئة عن الأنا
وتسهيل المشاركة الثقافية العالمية.
ولا يخفى على أحد أن الصين اليوم تمثل معادلة ذهبية في الميزان العالمي سياسيا وثقافيا وعلميا و تقنيّا، والانفتاح عليها من خلال تعلّم لغتها سيفيد طلابنا وطالباتنا في الكثير من الجوانب، فسوف يفتح لهم مجالات جديدة للابتعاث و بأسعار جيدة، كما أن البيئة الصينية بيئة متصالحة مع الآخر وهو ما قد يحمي طلابنا من حركات الكراهية التي تتسع مساحاتها اليوم في أمريكا والغرب، إيجاد توازن حضاري في النسق العلمي
والمعرفي في المجتمع السعودي، فإذا كانت الأجيال الأولى استفادت من المعارف الأوروبية والأمريكية، فقد حان الوقت لتنطلق الأجيال الجديدة نحو بوصلة الشرق الذي قد تتحكم معرفته واقتصاده في العالم يوما ما.
إن تعليم اللغة الصينية في مدارسنا تعني إخراج شبابنا من ظل الغرب الذي سيطر على عقولهم ومبادئهم ؛ليروا عوالم مختلفة من تجارب التفكير
والعلم والخبرات الاقتصادية التي تقود العالم اليوم.
و تهيئة الطالب لكيفية التعامل مع المستقبل الذي تشير إحداثياته أن الحضارة القادمة تحلّق نحو الشرق «الصين».
التفاعل مع الشراكات الاقتصادية والعلمية الجديدة للمملكة، فالصين تعتبر من أبرز الشراكات الاقتصادية والتقنية مع المملكة والشراكة الثقافية عبر اللغة لا تقل أهمية في توثيق تلك الشراكات الاقتصادية والتقنية.
إن تعليم اللغة الصينية في مدارسنا تفتح لطلابنا وطالباتنا آفاقًا جديدة للإبداع والتنافس العالمي، و يمثلُ تحديا جديدًا قادرًا على إثبات قيمة شعارنا المستقبلي نحلم ونحقق.