محمد سليمان العنقري
عقدت في الرياض القمة السعودية الإفريقية التي صدر عنها بيان يؤسس لشراكة وعلاقة متينة تتماشى مع التطورات والتحولات العالمية حيث تشهد المملكة تقدماً اقتصادياً وتنموياً واسعاً تجاوز فيها حجم الناتج المحلي تريليون دولار ومازالت التوقعات لتحقيق مستويات أعلى بكثير مع تنوع القاعدة الإنتاجية وتفعيل العديد من القطاعات الجديدة بالاقتصاد السعودي مثل التعدين والنقل والخدمات اللوجستية والسياحة وغيرها ولكن لرؤية 2030 أبعاداً عديدة تتعلق بالشراكات الدولية حيث وقعت العديد من الاتفاقيات مع أكبر الاقتصادات المتقدمة والناشئة وهذه القمة تأتي في مرحلة مهمة للتعارن والشراكة مع القارة الإفريقية التي تعد الأعلى نمواً في المستقبل المنظور.
وقد أعلن ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية في إفريقيا بقيمة تتجاوز مليار دولار على مدى عشر سنوات. وذلك في كلمته بافتتاح أعمال القمة السعودية الإفريقية وقال »إن المملكة تتطلع إلى ضخ استثمارات سعودية جديدة في مختلف القطاعات بما يزيد على 25 مليار دولار وتمويل وتأمين 10 مليارات دولار من الصادرات وتقديم 5 مليارات دولار تمويلاً تنموياً يضاف إلى إفريقيا حتى 2030 وقال أيضاً إن المملكة قدمت أكثر من 45 مليار دولار لدعم المشاريع التنموية والإنسانية في 54 دولة إفريقية كما بلغت مساعدات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أكثر من 450 مليون دولار في 46 دولة إفريقية».
فالعلاقة السعودية مع دول إفريقيا عميقة وقديمة وراسخة والتوجه الجديد لهذه الشراكة سيفتح آفاقاً واسعة لزيادة التبادل التجاري بينهما والذي بلغ هذا العام إلى قبل فترة قصيرة حوالي 20 مليار دولار فالفرص واعدة لزيادته من خلال الدور الذي ستلعبه الاستثمارات التي أعلن عنها سمو ولي العهد.
فالقارة الإفريقية تتربع على مساحة تبلغ حوالي 30 مليون كم مربع وعدد سكانها 1،2 مليار نسمة يتوزعون في دول القارة التي يبلغ عددها 54 دولة أما من حيث الأهمية فإن 30 بالمائة من احتياطي المعادن بالعالم في إفريقبا وهنا يأتي دور مهم لتوجه الاستثمار بإفريقيا الذي توجد توجهات له من شركات سعودية نظراً إلى أهمية الاستثمار ببعض المعادن في صناعة السيارات الكهربائية وكذلك مدخلات مكونات تستخدم لإنتاج الطاقة المتجددة وغيرها من الصناعات التي تنوي المملكة التوسع في الاستثمار بها بالإضافة لقطاعات أخرى مثل الزراعة التي تتميز بها إفريقيا نظراً لكونها غنية بمصادر المياه العذبة والأراضي الخصبة ولإفريقيا أهمية كبيرة في سوق الطاقة العالمي حيث تمتلك 12 بالمائة من احتياطي النفط العالمي وكذلك 8 بالمائة من الغاز وغيرها من الثروات الطبيعية من المعادن النادرة، ومن المتوقع أن يتضاعف الناتج الإجمالي لدول القارة مجتمعة من حوالي 3 تريليونات دولار حالياً إلى عشرة تريليونات عام 2040 كأكبر معدل نمو بين القارات ففي إفريقبا خمس دول هي من بين أعلى عشر دول من حيث النمو الاقتصادي عالمياً.
خطوة المملكة نحو الشراكة مع دول إفريقيا في قمة تاريخية ستمثل منطلقاً لآفاق اقتصادية واسعة واستكمالاً لنهج الرؤية وتوجهاتها بالشراكات العالمية والاستفادة من المشاريع العملاقة بالمملكة مثل نيوم واستثمار للموقع الجغرافي للمملكة الذي يربط ثلاث قارات إفريقيا آسيا وأوروبا, فالقارة الإفريقية تتسابق دول عديدة متقدمة اقتصادياً لتحجز مكاناً لها فيها من حيث الشراكات فقد ركزت الصين على إفريقيا وتتواجد في 49 دولة بآلاف الشركات وتتجه كل من أميركا من خلال مجموعة السبع الكبار لضخ حوالي 600 مليار دولار عبر مبادرة إعادة بناء العالم وكذلك روسيا بمبادرات عديدة وأيضاً أوروبا والعديد من الاقتصادات الناشئة فهي سوق واعد وتمتلك ثروات هائلة واحتياجاتها التنموية ضخمة وفرص الاستثمار متنوعة وبقطاعات متعددة وتمثل سوقاً مهماً للصادرات السعودية من الصناعات غير النفطية وكذلك البتروكيماويات وغيرها نظراً لتوقع نمو الطلب فيها في العقدين الحالي والقادم.