خالد بن حمد المالك
على وقع أصوات الهجوم الوحشي لإسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة، وتدميرها للمنشآت، وقتل وإصابة عشرات الآلاف من المواطنين، وإصرارها على رفض كل المبادرات لإيقاف القتال، مع حصارها ومنع تقديم المساعدات الإنقاذية للمواطنين الذين يعانون من الجوع، وانعدام الأدوية والمحروفات، يأتي الصوت الآخر عالياً ومدوياً من الرياض، منادياً بالسلام، وكبح العدوان، وإيقاف القتال، والتوجّه نحو إقامة دولة فلسطينية على أراضي الفلسطينيين وعاصمتها القدس.
* *
وبين صوتين أحدهما يدعو إلى السلم والآخر يدعو إلى الرعب، تقف أمريكا مع الصوت الأول، داعمة لإسرائيل بكل ما تملك في عدوانها وجرائمها بحق الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين، مسنودة بدول أوروبا وحلفاء أمريكا خارج القارة العجوز، وتقف المملكة مع الصوت الثاني امتداداً لتاريخها ومواقفها الثابتة تدعو إلى الأمن والسلم، والبعد عن النزاعات، ووقف العدوان، وإحقاق الحق، ومنع التصعيد في حرب غزة، وإنهاء الإبادة الجماعية التي تجري بحق المدنيين الفلسطينيين، والحيلولة دون استمرار هذا الفرز العنصري الصهيوني البغيض بين ماهو يهودي وما هو فلسطيني.
* *
لهذا تتوالى تصريحات أمريكا بأن الوقت ليس مناسباً لإيقاف الحرب، بما يفسّر بأن واشنطن مع استمرار الإبادة، وتفريغ غزة من مواطنيها إجبارياً، حتى وهي ترى هذا القتل الممنهج بأرقامه الكبيرة المفزعة، بينما تتوالى تصريحات قيادة المملكة بأن لا خيار لأمن إسرائيل والمنطقة والعالم، بدون تحقيق تطلعات الفلسطينيين بإقامة دولة لهم، مع استنكار المملكة وشجبها وتنديدها من استمرار هذا الهجوم المفرط من الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين.
* *
وفي ضوء ذلك، تنعقد القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة، بجهد مقدّر من قادة المملكة التي تستضيف الرياض القادة العرب والمسلمين، ليعلنوا بصوت واحد: لا لاستمرار الحرب، لا لعدم إقامة دولة فلسطين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، استشعاراً من قادة جميع الدول العربية والإسلامية لأهمية توحيد الجهود، والخروج بموقف جماعي مُوحّد بشأن ما تشهده غزة والأراضي الفلسطينية الأخرى من تطورات خطيرة وغير مسبوقة.
* *
إن ما تشهده غزة من تصعيد عسكري، واستهداف للمدنيين، قد تولدت عنه دعوة المملكة لعقد القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة، وإلى أخذها زمام المبادرة في تشكيل موقف مُوحّد على مستوى العالمين العربي والإسلامي، من خلال المشاورات والتنسيق مع دولة فلسطين والدول العربية والإسلامية، باتجاه إدانة إخضاع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والأراضي المحتلة لحصار قاتل، يمنع عنه مقومات الحياة الأساسية، والتخطيط للتهجير القسري للشعب الفلسطيني.
* *
هذا الموقف العربي الإسلامي سوف يصاحبه تكثيف لجهود الدول العربية والإسلامية في مجلس الأمن، والأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان لمواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم من خلال الشرعية الدولية، وتحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن التصعيد، وحالة عدم الاستقرار في المنطقة، وإفشالها لجميع الجهود الرامية لتحقيق السلام العادل والشامل، ليس هذا فقط، وإنما ستكون هذه القمة العربية - الإسلامية المشتركة فرصة لتعزيز مطالبة الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا بنبذ ازدواجية المعايير في التعاطي مع القضية الفلسطينية، وتثمين المواقف العادلة لعدد من الدول الفاعلة على الساحة الدولية التي أدانت الاعتداء الإسرائيلي على غزة.
* *
وتأتي نتائج هذه القمة الاستثنائية منسجمة مع ماكانت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين قد أكدته مراراً بأنها ترفض وتدين سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل بحق المدنيين، وعدم التزامها بالأعراف الدولية، وقواعد الاشتباك في الحروب المتعارف عليها، بما للمملكة من دور محوري وقيادي في العالمين العربي والإسلامي، حيث تعمل على تأكيد مركزية القضية الفلسطينية، وأهمية بذل الجهود في سبيل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وفق الثوابت والمرجعيات الدولية، وحق فلسطين في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس، وفقاً لمبادرة السلام العربية.