د. خالد عبدالله الخميس
لا شك أن اليهود لهم تاريخ إجرامي ممتد، ففي مذبحة دير ياسين التاريخية عام 1948 كان الصهاينة يستهدفون بث الرعب والهلع في الفلسطينيين كحرب نفسية لكي يرغموهم على الهجرة من بلادهم، وبالفعل نجحوا في ذلك إذ تم تهجير حوالي 300 ألف نتيجة للمذبحة، وكان الصهاينة يعتبرون نصرهم في دير ياسين ليس من خلال عدد القتلى وإنما من خلال عدد المهجرين، وما يحدث الآن في حرب غزة هو محاولة لتكرار نفس سيناريو مذبحة دير ياسين، حيث يستهدفون من تلك الحرب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، فما أن تغيب شمس اليوم ويدخل ظلام الليل إلا ويبدأ القصف وقنابل الرعب تنهال على إخوتنا في غزة، فمن أُصيب اُصيب, ومن سلِم فيكاد لا يسلم من الإصابة بفوبيا ما بعد الصدمة PTSD، ويظهر أن المجرمين اليهود يستقصدون إلحاق الضرر النفسي وزرع مخاوف PTSD في نفوس الشعب الفلسطيني لحثهم على الهجرة، وما هذا التكثيف من الغارات والقصف ما هو إلا جانب من خطة مدروسة، إن ادعاء الصهاينة بأن سبب تكثيف الهجمات على غزة هو لأجل تحرير الأسرى أو للقضاء على منظمة حماس هو ادعاء باطل، فهم يستخدمون حماس كشماعة لتهجير أهل الأرض من أرضهم، لكن الفلسطينيين على وعي تام بهدف التهجير وهم في هذا متمسكون بأرضهم ومتشبثون بترابها مهما شدت عليهم الحال. ولقد أعجبتني صورة معبرة رسمها فلسطيني تبين مدى تشبث الغزاوي الفلسطيني بأرضه، حيث تشير الصورة إلى تصوير أرجل الفلسطيني بأنها مغروسة بجذور صلبة في الأرض، ومن حوله عدد من الدبابات والطائرات التي تقصفه وهو يردد «أنا فلسطيني».
إن أكثر ما يؤرق صفو الإسرائيلي هو عندما يسمع من يقول «أنا فلسطيني» فوجود إنسان ولو كان واحداً يقول أنا فلسطيني يعني أن هذا الإنسان الفلسطيني له أرض اسمها فلسطين، ويعني أيضاً أن الإسرائيلي كائن مغتصب لوطن يسكنه في الأصل إنسان فلسطيني.
إن أكثر ما يمكن أن يخشى، هو اختفاء شعار «أنا فلسطيني» من الوجود عندما يتم توزيع الفلسطينيين على البلاد العربية المجاورة وهو أمر يعني تسليم كامل أراضي فلسطين للغاصب على طبق من ذهب، ولذا فأقل ما يستوجب على العربي تجاه أخيه العربي الفلسطيني هو أن يشعره بالفخر تجاه شعار «أنا فلسطيني».
إن أكبر عقبة كأداء في تمدد دولة إسرائيل تتمثل في رسوخ جذور أقدام من يردد «أنا فلسطيني» ويردد أيضاً:
على أرضي تلاقيني
أنا لأهلي أنا أفديهم
أنا دمي فلسطيني فلسطيني فلسطيني