د. عبدالحق عزوزي
انعقدت منذ أيام القمة العربية الإسلامية المشتركة في العاصمة السعودية من أجل غزة وفلسطين، حيث دعا زعماء الدول العربية والإسلامية في البيان الختامي إلى وقف الحرب على قطاع غزة، ورفضوا رفضا باتا توصيف الحرب الانتقامية الإسرائيلية على أنها دفاع عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة.
كما دانت القمة في بيانها الختامي العدوان الإسرائيلي على غزة، و»جرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري».
وجاء في البيان الختامي المشترك أيضا أنّ القمة «تطالب مجلس الأمن باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان ويكبح جماح سلطة الاحتلال الاستعماري التي تنتهك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية».كما وصفوا نزوح ما يقرب من 1.5 مليون فلسطيني من شمال قطاع غزة إلى جنوبه بأنه «جريمة حرب وفق اتفاقية جنيف الرابعة».
وأبدى الزعماء المشاركون في القمة رفضهم الكامل لأي محاولات «للنقل الجبري الفردي أوالجماعي أوالتهجير أوالنفي أو الترحيل للشعب الفلسطيني سواء داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، أو خارج أراضيه لأي وجهة أخرى أيا كانت».
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مؤتمر صحافي في ختام القمة، إن ما يحدث في غزة عقاب جماعي تمارسه إسرائيل. وأضاف وزير الخارجية السعودي أن الحرب في غزة يجب أن تتوقف، والسلام لن يتم إلا بالدولة الفلسطينية،كما أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن قرار قمة الرياض مهم ومختلف، وقوته تأتي من كونه صادرا عن 57 دولة عربية وإسلامية اجتمعوا في القمة العربية الإسلامية بالعاصمة السعودية الرياض. وأضاف أبو الغيط، في المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية السعودي، أن قرار قمة الرياض «يمثل ثقل ثلث أعضاء الأمم المتحدة وسيمثل ضغطا شديدا على من يمنحون «كارتا أبيض» لإسرائيل للتصرف بهمجية».
كذلك حذر أبو الغيط من أنه إذا لم يتحرك العالم لتحقيق هدف السلام فإن المزيد من الصدامات المسلحة ستندلع في الأراضي الفلسطينية مرة بعد أخرى. وأضاف أن «الإجرام الإسرائيلي» فرض بزوغ القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء بعد أن انزوت كثيرا في السنوات الأخيرة.
هاته القمة هي عودة للدول العربية والإسلامية إلى فلسطين والقضية الفلسطينية، بعد أن انقسم العرب بشأن أوسلو 1993، وبعد أن انحازت الولايات المتحدة إلى إسرائيل بالكلية في ظل الانتفاضة الثانية، فكانت تلك الفترة الكالحة بعد العام 2000، والتي عرفت رحيل الرئيس ياسر عرفات، وخروج إسرائيل من قطاع غزة عام 2005، وسيطرة «حماس» على القطاع عام 2007، واستفادة إسرائيل من الانقسام الفلسطيني، وتقطع المفاوضات قبل أن تنتهي مع حكومات نتنياهو.
ومن أراد أن يفهم ما يجري اليوم يمكنه أن يقرأ هاته الفقرة في كتاب أحد رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية السابقين جيمي كارتر (فلسطين: السلم لا الميز العنصري): «هناك عاملان أساسيان ساهما في طول أمد العنف والانتكاسات الإقليمية: موافقة البيت الأبيض هاته السنوات الأخيرة على الأفعال غير القانونية لإسرائيل، مدعمة من طرف الكونغريس الأمريكي، ولامبالاة القادة الدوليين. هناك في إسرائيل حوارات اجتماعية وإعلامية لامتناهية عن السياسة التي يجب اتباعها في الضفة الغربية، ولكن بسبب قوة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية، نادرا ما تنتقد السياسات الإسرائيلية، كما أن الأمريكيين في غالبيتهم يجهلون الأوضاع في المناطق المحتلة. وفي سنة 2003، استغرب الأمريكيون وأغضبهم استطلاع رأي قامت به جريدة محترمة (International Herarld Tribue)، حيث استجوبت ما يزيد على 7500 مواطن من الدول الأوروبية، واعتبروا أن إسرائيل تشكل بحق تهديدا للسلم والأمن العالميين أكثر من كوريا الشمالية، إيران أو أفغانستان»، ولتحقيق السلم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، دعا الرئيس التاسع والثلاثون لأمريكا في نهاية كتابه إلى احترام الشرعية الدولية وتطبيق قرارات مجلس الأمن، يعني القرار 242 (1967) والقرار 338 (1973)، وبمعنى آخر الرجوع إلى حدود 1967. وبعد دراسته للقضية الفلسطينية في كل الكتاب، ندد الرئيس منطق الميز العنصري الذي يمنع كل تطور اقتصادي للفلسطينيين حيث سلب أرضهم ودمر صروح حضارتهم وتطورهم. ما قاله هذا الرئيس الأمريكي السابق هو ملخص مخرجات القمة العربية-الإسلامية، وهو الواقع الذي تريده سياسات ازدواج المعايير الغربية حجبها، وهو الحل الوحيد لبناء سلام وأمن دائمين في المنطقة.