«الجزيرة»- محمد العيدروس:
بدأت ظاهرة الاستعانة بالحراس الشخصيين للاعبي كرة القدم، منذ بطولة العالم التي شهدتها جنوب أفريقيا في 2010؛ حيث كان هناك تخوف من قبل بعض النجوم والمنتخبات من الهاجس الأمني.. ورغم عدم حدوث أي حوادث أو وجود ملاحظات، استمرت موجة الاستعانة بالبودي جارد، وتنامت لعدة أسباب؛ أهمها رغبة اللاعبين في وجود مرافق أمني معه، يشعره بالأمان من جهة، ويمنحه البرستيج والهيبة من جهة أخرى.. ورغم الكلفة العالية لأسعار البودي جارد، إلا أن ذلك لم يكن عائقاً أمام لاعبين تتجاوز عقودهم مئات الملايين.. وغالباً ما يكون البودي جارد ظلاً ملاصقاً، وتوأماً للاعب أينما كان؛ سواء في تنقلاته أو لقاءاته أو تدريباته، إضافة إلى تخصيص آخرين لمرافقة عائلاتهم.. ولأن العلاقة سوف تكتسي صفة الديمومة، وعلى مدار الساعة، يحرص اللاعبون على انتقاء حراسهم بشكل شخصي، وبسمات وصفات معينة؛ أهمها الوسامة واللباقة.. كما امتدت ظاهرة البودي جارد إلى نجمات في التنس والأسكواش والسباحة.. (الجزيرة) في التقرير التالي تستعرض جوانب من عالم البودي جارد ونجوم كرة القدم.
كريستيانو رونالدو
يتولى التوأم البرتغالي، سيرجيو وخورخي راماليرو، الحراسة الشخصية لنجم نادي النصر السعودي كريستيانو رونالدو، حيث يرافقانه في كل تحركاته، ووفقاً لمصادر فإن التوأمين سبق وأن خدما كجنود في وحدة النخبة من القوات الخاصة البرتغالية في أفغانستان، وانضما لاحقاً إلى الشرطة البرتغالية، قبل أن يتخصصا في حماية السياسيين والقضاة، ولذلك تعاقد معهما رونالدو لاحقاً في عام 2021. وأشارت التقارير إلى أن رونالدو كان يخصص راتباً قدره 1.5 مليون دولار سنوياً لحارسه الشخصي السابق «نونو»، وهو المبلغ الذي من المتوقع أن يتقاضاه كل من الشقيقين (التوأم) راماليرو. ويتميز التوأم البرتغالي بوسامته، وهو ما لاحظه متابعو رونالدو على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى أناقتهما الواضحة في جميع اللقطات.
ويظهر التوأمان راماليرو في معظم اللقطات التي يظهر فيها النجم البرتغالي خارج الملعب، حين يتجول في الشوارع أو أثناء سفره مع عائلته، حيث تتمثل مهمتهما في مرافقته أينما ذهب، إلى جانب التعاقد مع شركات حراسة أمنية محلية تساندهما.
وكشف أحد المصادر القريبة من رونالدو -في تصريحات للصحافة البرتغالية في وقت سابق- عن مميزات حراس «الدون»، قائلاً: يرتديان ملابس غاية في الأناقة، ويظهران معه بشكل طبيعي، ولديهما القدرة على الاختلاط بالناس من دون إحداث أزمات أو إزعاج، بالإضافة إلى ذلك لديهما حسن تصرف وسرعة ورؤية. كما علق أحد قادة الثنائي السابقين في الجيش البرتغالي عليهما، قائلاً: يتمتعان بقوة جسدية وذهنية، وعملا من قبل مع القوات البرتغالية في أفغانستان.
تقول والدتهما السيدة ليونليد: إن لديهما أخاً توأماً ثالثاً، يدعى ألكسندر، ولا يزال يعمل في الشرطة حتى اللحظة، مضيفة وهي تمزح في تصريحات لصحيفة «كوريو دا مانها» البرتغالية: هما يأتيان كل 14 يوماً للمنزل لغسل ملابسهما.
وقد كان الظهور العلني الأول للتوأم مع رونالدو في مطار مدينة مانشستر الإنجليزية، قبل رحلة فريق مانشستر يونايتد لمواجهة يونج بويز في سويسرا، في دوري أبطال أوروبا، سبتمبر- أيلول 2021.
وبرزت لقطة الحراسة الشخصية لكريستيانو رونالدو، عند وصوله إلى الرياض للانضمام إلى صفوف نادي النصر السعودي.
وفيما يخص أصول التوأم البرتغالي، فهي تنحدر من منطقة تدعى أنسياو، وهي تقع على مقربة من مدينة بومبال، شمال لشبونة، عاصمة البرتغال. وذكرت أنباء أن هناك حارساً شخصياً يدعى هشام، وهو من أصول مغربية، كان من الحرس الشخصي لكريستيانو رونالدو.
ليونيل ميسي
خطف الحارس الشخصي لنجم إنتر ميامي الأمريكي ليونيل ميسي (36 عامًا) الأضواء، خلال مباراة أمام لوس أنجلوس إف سي، وذهبت لقطة البطولة إلى حارسه الشخصي، الذي تدخّل بسرعة وقوة، ليمنع هرولة أحد المشجعين باتجاه ميسي؛ حيث دلف مشجّع يرتدي قميص برشلونة إلى أرضية ملعب (BMO Stadium)، وركض نحو ميسي، قبل أن يتعامل معه الحارس.
تداولت وسائل إعلام لقطات مختلفة للحارس الشخصي لميسي، حيث كان واقفًا على خط الملعب أثناء المباراة، وعقب صافرة النهاية، التحق باللاعب ومشى بجانبه، وصولاً إلى النفق المؤدي إلى غرف خلع الملابس، ثم إلى الحافلة. ويُدعى حارس ميسي الشخصي ياسين شيوكو -من أصل عربي-، وهو لاعب فنون قتالية مختلطة (MMA).
وحسب تقارير، فقد خدم في القوات البحرية للجيش الأمريكي، واختارته إدارة نادي إنتر ميامي ليكون حارسًا لميسي.
المثير في الأمر أنه رغم أن نجوم كرة القدم عادةً ما يحظون بحرس شخصي، فقد فاق ياسين إجراءات الحراسة الاعتيادية.
محمد صلاح
كريم عبده هو الحارس الشخصي للنجم المصري محمد صلاح لاعب فريق ليفربول الإنجليزي، وسبق وأن عمل لبعض الأسماء الكبيرة في كرة القدم، بما في ذلك روبرتو كارلوس، وأليساندرو ديل بييرو، وأنخيل دي ماريا، إلى جانب عمله -سابقاًَ- رئيس الأمن السابق للمنتخب المصري، فهو يعمل الآن مع محمد صلاح.
ويتعين على الحارس الشخصي لمحمد صلاح، إلى جانب مهامه الأمنية بأن يقوم أيضاً بفحص كل هدية يتم إرسالها للاعب كرة القدم؛ للتأكد من أنها لا يمكن أن تقتله.
ويُعد محمد صلاح، البالغ من العمر 31 عامًا، أحد أفضل لاعبي كرة القدم في العالم، وشهرته المذهلة التي أكسبته 62.
5 مليون متابع على إنستجرام، تعني أن الكثير من المعجبين يريدون إظهار دعمهم بالهدايا.
ومع ذلك، قبل أن يتمكن صلاح من تمزيق أي ورق تغليف، يصل رجل الأمن الشخصي كريم عبده إلى هناك أولاً؛ للتأكد من أن ما بداخله آمن.
ويقول البودي جارد عبده: يجب مسح جميع الهدايا، نحن لا نقبل الهدايا، لكن في بعض الأحيان إذا أخذتها من أشخاص فيجب أن يتم فحصها. وأضاف: أنت لا تعرف أبدًا ما هو الموجود في الهدية، قد يصيبه بالمرض أو يقتله، لا تعلم!
تجدر الإشارة إلى أن الثنائي محمد صلاح وحارسه مع بعضهما البعض منذ ما يقرب من عقد من الزمن، حتى أن عبده ذهب إلى إيطاليا لرعاية المهاجم خلال فترة وجوده في روما.
ولكن باعتباره أعظم لاعب عربي على الإطلاق، وبعد قيادة مصر إلى نهائيات كأس العالم لأول مرة منذ 28 عامًا في عام 2018، أصبح محمد صلاح رمزًا وطنيًا في وطنه ويمكن التعرف عليه على الفور، لذا كلما عاد إلى مصر، كان على عبده أن يحاول جعل موكله غير مرئي للعامة، حتى لا يتم رصده.
ويقول خبير السلامة الرياضية في برنامج 5ASide Podcast، عن الحارس الشخصي لمحمد صلاح: إنه شبح، لا يمكن رؤيته، لم يكن أحد يعرف أين يعيش.
طلبات عمل بالمئات
يتلقى كبار الشخصيات الرياضية يومياً مئات الطلبات المتعلقة، حيث يرسل الحراس الشخصيون سيرهم الذاتية إليهم؛ على أمل الحصول على موافقتهم لشغل منصب عمل.
من جهتهم، يوصي نجوم الرياضة ممثليهم بانتقاء أحدهم بناءً على حاجتهم، فمن كان الخوف دافعه، فإنه سيضحي مالياً بمبالغ خيالية، تمثل رواتب من سيعمل لصالحه، ومن كان لا يولي اهتماماً كبيراً لهذا الجانب، نجده يختار حراساً مقابل رواتب متوسطة ومعقولة.
عقود الحراس الشخصيين تختلف من نجم لآخر
تختلف عقود حراس اللاعبين الشخصيين من شخصية إلى أخرى؛ فمنهم من يرى أهمية أن يكون حارسه الشخصي متواجداً في كل مكان يحل به؛ سواء في الملاعب الرياضية أو في الإجازات، أو عند شراء احتياجاته الشخصية في المراكز التجارية والأسواق.
وهناك نجوم يختارون عقوداً تنص فقط على تواجد الحارس الشخصي معه في بعض الفعاليات التي يرى مبرراً فيها للحماية؛ لتفادي أي إشكالات قد تحدث مع محبيه أو من يكرهونه، وإجمالاً فإن أغلبية النجوم الرياضيين، يفضلون التعامل مباشرة مع اختيار الحراس الشخصيين، ومقابلتهم شخصياً أولاً.
العنصر النسائي الأكثر اعتماداً على (البودي جارد)
ترى بعض التقارير أن العنصر النسائي في مختلف الرياضات، خاصة الأكثر شعبية منها، الأكثر اعتماداً على الحراس الشخصيين، مقارنة بالذكور الذين يفضل أغلبيتهم الاعتماد على قدراتهم الشخصية في التخلص من المشاكل التي يواجهونها في حياتهم اليومية.
ويقال إن أغلب اللاعبات المعروفات في رياضة التنس، يعتمدن على هذا النوع من الحراس، خاصة أن لهن عشاقاً كثراً عبر العالم، وجولاتهن الكثيرة قد تجعلهن مطلوبات بكثرة أينما حللن وارتحلن، حيث سبق لهن أن واجهن في العديد من المرات مشاكل عدة، ولولا تواجد حراسهن لحلَّت بهن كوارث، وهو ما يجعلهن يخترن أحسن الأشخاص الذين يمتهنون هذه المهنة، حتى لو كلفهن ذلك أموالاً كبيرة جداً لدفع رواتبهم.
وعلى سبيل المثال فإن ماريا شارابوفا نجمة لعبة التنس، تعتمد على أربعة حراس شخصيين، دائماً ما يرافقونها، جنباً إلى جنب في كل مكان تذهب إليه، ونجاح الناس في التعرف عليها كل مرة، يجعل حاجتها ماسة جداً لأشخاص يجعلونها في راحة، وينقصون من ضغط التدافع الكبير عليها من قبل المعجبين للحصول على إمضاءات أو صور.
هوامش ولقطات:
** يتقاضى الحراس الشخصيون للاعبي كره القدم وعائلاتهم رواتب فلكية شهرية، وغالباً ما تكون عقودهم سنوية.. وفي المقابل يخصص اللاعبون نسباً كبيرة من إيراداتهم للحراسات الخاصة والمرافقين الشخصيين لهم.
** مع تطور التقنيات، ليس بالضرورة أن يكون البودي جارد ضخم الجثة، مفتول العضلات، مكفهر الوجه، بقدر ما يكون لديه اللياقة البدنية العالية، وسرعه البديهة، وتنامي الحس الأمني.
في عالم البودي جارد الشخصي لا يوجد شيء اسمه إجازات أو فترات دوام معينة، وإنما عمل ويقظة متواصلان على مدار الأربع والعشرين ساعة، وتحت أي ظرف.
خطأ بسيط يحدث أو هفوة أو سوء تقدير يرتكبها البودي جارد قد تكلفه وظيفته، خاصة في كيفية التعامل، والتفرقة ما بين المعجبين، وأصدقاء ومعارف اللاعبين، وبين المتطفلين والفضوليين.
أغلب البودي جارد الخاص باللاعبين، يقفون بجوار الاحتياط، تكون أنظارهم على اللاعب وبعد إطلاق صافرة النهاية، يدخلون إلى الملعب، ويرافقون اللاعب خطوة بخطوة.
يشكل الصحفيون والمصورون والمعجبون وعشاق أخذ اللقطات والتواقيع التذكارية، هاجساً مقلقاً للبودي جارد الذي لا يتدخل إلا في حالات معينة.