رقية سليمان الهويريني
تشهد بلادنا الحبيبة حالة من التصحّر طيلة عام كامل مما ينعكس على نفوس البعض ويجعل لديهم حالة من الهوس في تتبع مساقط الأمطار والخروج للبراري للاستمتاع بمشاهدة آثار السيول.
وفي الأحوال الطبيعية يكون الوضع آمناً ومقبولاً، ولكن أن يعرّض الناس أنفسهم للهلاك فهو أمر يستدعي التوعية والإرشاد، أو منع المتهورين من ممارسة هذه المتعة الخطيرة حين يؤدي الأمر لوقوع مكروه لهم أو لمنقذيهم.
وما يؤسف له أن نسمع عن حالات الغرق التي يتسبب فيها المرء بنفسه بالخروج لمواقع السيول والمخاطرة بحياته بقطع الأودية بسيارته عمداً، باستعراض مستفز لقدرته الشخصية ومقدرة سياراته لخوض غمار الأودية كنوع من البطولة الوهمية!
ورغم رفع مراكز الدفاع المدني في جميع مناطق المملكة درجة استعدادها لمواجهة الحوادث اليومية والشروع باتخاذ الاحتياطات والتجهيزات المطلوبة، إلا أن تهور بعض الأشخاص واندفاعهم غير المحسوب نحو الخطر وسلك الأودية والشعاب يجعلنا نسمع من آنٍ لآخر عن كوارث وقصص حزينة تكدر صفو الطقس الجميل من حدوث حالات غرق بين الأطفال والشباب نتيجة عدم تقدير مخاطر السيول، والاستخفاف بالاحتياطات اللازمة للحيلولة دون حدوث الفواجع، وأكثرها بسبب الغفلة عن الأطفال عند التواجد حول المناطق الخطرة.
والمؤلم انتشار مشاهد مصورة لمتهورين مصحوبة بشيلات طربية مما يغري فئة من الشباب والمراهقين لمجاراتهم وتقليدهم فتخذلهم قلة خبرتهم وضعف محركات سياراتهم وتعطلها، فضلاً عن توفر عنصر المفاجأة غير المتوقع من اشتداد زخات المطر والأجواء المتقلبة.
وتحدث حالات الغرق عندما تتجاوز المياه قدرة الشخص على مواجهتها بسبب جريان السيول وتتابع التيارات المضطربة، مما يؤدي لانخفاض درجة حرارة الجسد وحدوث إجهاد وإرهاق متواصل وحصول حالة من الفزع والهلع وحركة سريعة ومضطربة للجسم ينتج عنها حدوث نوبة قلبية حادة بسبب الإجهاد العضلي، وبعدها يفارق الشخص الحياة، وإن تم إنقاذه فقد يتعرض دماغه للتلف إذا انقطع عنه الأكسجين أكثر من ست دقائق!
إن الفواجع المصاحبة لخوض هذه التجارب القاتلة تجعل من المحتم تجريمها قانوناً وفرض الغرامات ليتكون موسم الشتاء ممتعاً بلا كوارث.