د.إبراهيم بن عبدالله المطرف
يذكرني ما جاء على لسان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في كلمته أثناء رئاسة سموه للقمة العربية الإسلامية المشتركة التي احتضنتها الرياض، حين قال «نحن أمام كارثة إنسانية تشهد على فشل مجلس الأمن والمجتمع الدولي»، يذكرني بما جاء على لسان الملك سلمان- سلّمه الله- ، في كلمة ألقاها في قمة إسلامية مماثلة، وكان وليّا للعهد آنذاك، قال فيها «إن مجلس الأمن هو الكيان الدولي المعني بتحقيق الأمن والسلم الدوليين، وإننا إذا فشلنا في جعله يهب لنصرة الأمن والسلم، فعلينا أن ندير ظهورنا له، وأن نعمل على بناء قدراتنا لحل مشاكلنا بأنفسنا» .
فنحن في هذا الوطن الكريم، لم نتوان يومًا في تسجيل مواقفنا التي أكدنا فيها على عجز الأمم المتحدة وفشل مجلس الأمن، وخاصة في إيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية. وإيمانًا منا بالتزام الدول الأعضاء بما تراضينا عليه في ميثاق الأمم المتحدة، طالبنا مرارًا وتكرارًا بالتزام أمين وصادق به ،لكونه الضمان الحقيقي للأمن والسلم العالمي.
واعتذرنا عن قبول عضوية مجلس الأمن حتى يتم إصلاحه، ليؤدي واجباته ويتحمّل مسؤولياته تجاه مجتمعه وفق نصوص الميثاق.
وقد تمثل اعتذارنا في موقف واضح وشفاف، نتج عنه الكثير من ردود الفعل الإيجابية، اعتذارًا قلنا فيه على لسان عميد دبلوماسيتنا الأمير سعود الفيصل- غفر الله له وكتبه في الصالحين- «إن ثقة العالم بالأمم المتحدة قد اهتزت»، ولو كان -يرحمه الله- بيننا اليوم، وفي ظل الظروف التي تعقد فيها قمة الرياض، لقال «بأن ثقة شعوب العالم بالهيئة الدولية باتت تحتضر».
ولا يختلف اثنان على أن لهذا الوطن الكريم مواقف تاريخية مشرفة عبر منابر الأمم المتحدة، فقد كنا ولا نزال، ندعو لكل ما فيه خير البشرية، من حقوق للإنسان، وسيادة للقانون، ونشرللسلام، وتلك عناصر أساسية نحسبها ضرورية في أي استراتيجية فاعلة لحل النزاعات المزمنة، والقضاء على بؤر التوتر.
وتأتي أهمية مطالبتنا في المملكة بتحقيق إصلاح جوهري في نظام مجلس الأمن، لكونه الجهاز المسؤول عن كل التبعات الرئيسة لقضايا السلم والأمن، في ضوء أن عالمنا اليوم في حاجة ملحة لدوره وشرعيته، في ظل حالات اليأس والإحباط التي تعانيها الشعوب بسبب التعرض للظلم والعدوان والاحتلال.
وبالرغم مما تحمله عضوية مجلس الأمن من مكانة دولية فإن اعتذارنا عن قبول عضويته يعود أيضًا لعجزه عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه قضايانا العربية، فالاعتذار ينطلق من اهتمامنا التاريخي بهموم وقضايا أمتنا العربية والإسلامية، وباستقرار جوارنا الإقليمي، كما ينطلق من اهتمامنا بالقضايا الدولية الذي يضطلع مجلس الأمن بالمسؤولية الرئيسة في شأنها.
وقد أكد هذا الوطن الكريم، عندما اعتذر عن كرسي مجلس الأمن، أن إصلاح أساليب عمل المجلس يُعد إحدى الركائز الأساسية لعملية الإصلاح الشامل، الذي يأتي على رأسه زيادة عدد أعضائه، وجعل عمله أكثر شفافية، خصوصاً وأن أداءه يؤثر بشكل مباشر على حفظ السلم والأمن في العالم.
وأكدنا في الوقت نفسه، بأن أساليب عمل مجلس الأمن ليست حكرًا على أعضائه فقط، حيث إن المادة الرابعة والعشرين من ميثاق الأمم المتحدة تنص على «أن مجلس الأمن يؤدي مهامه نيابة عن جميع أعضاء الأمم المتحدة».
فشل المجلس الذي أشار إليه سمو ولي العهد في القمة العربية الإسلامية، وأشار إليه الملك سلمان في قمة سابقة، يمثل إحباطًا كبيرًا للمجتمع الدولي بأجمعه، نظرًا لأن مجلس الأمن لم يكن قادراً وليس قادرًا اليوم على العمل بفعل نظام الفيتو فيه.
ومن جهة أخرى، فإن واقع الأمر يظهر حقيقة أن المجلس يبدو غير متناغم مع أعضائه ومع أمينه العام.