عبدالله إبراهيم الكعيد
أعني بقافلة الزيت تلك المجلّة العريقة المتجددة والتي اكتفت لاحقًا باسم (القافلة) اعتقاداً من الجهة التي أصدرتها منذ طبعتها الأولى وحتى اليوم (شركة أرامكو) أن عنوان (القافلة) المجرّد أجدر بالقبول لمن تعلّقوا بها (أي المجلّة)، وحق للقرّاء أن يستعيدوا بذاكراتهم مسيرتها الطويلة في نشر المعرفة ليس فقط في مجال النفط، بل كل آفاق المعرفة والثقافة غير النفطيّة وقت لم يكن هناك أنشطة فعّالة بالقدر ذاته والقدرة لشركة عملاقة كان لها الدور المشهود في تثقيف وتنوير أفراد المجتمع الذي كان لها تواجدًا فيه.
«قافلة الزيت» مطبوعة ثقافية ضمن مطبوعات سبقت إصدارها في مملكة ناشئة ليست بالجديدة على الإنسان والمكان، إذ كان تأسيسها (أي بلادنا) يعود للعام 1727م، لكنها في عودة الأسرة المالكة الثالثة الثابتة سعى ملكها المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود نحو التحديث في كل مراحل هويتها الجديدة.
أما القافلة الأخرى التي أسميتها في عنوان مقالي هذا (قافلة ساقي الخرج) فقد فكّرت بتسمية الزاوية التي سأكتب فيها في الصحافة منذ عام 1996 بـ(القافلة تسير). أصبحتُ بعدها معروفاً ككاتب بهذا العنوان، لهذا استأذنت رئيس تحرير هذه الجريدة أن تستمر مقالاتي هنا بالعنوان ذاته فوافق مشكورًا.
حسناً، ما علاقة ساقي الخرج بتلك القوافل، (قافلة الزيت، والأخرى التي تسير)؟
صاحبكم كاتب هذه السطور عرف مجلّة قافلة الزيت في الخرج حيث أمضى طفولته وصباه ما بين الساقي والمشتل.
أخي الأكبر كان مُقتنيًا لكل مطبوعات تلك المرحلة وما كان يقتنيه من مجلات أو كتب تجد التسابق في أيّنا يُحظى بأن يكون القارئ التالي بعده. قافلة الزيت المجلّة كانت إحدى تلك المقتنيات الثمينة. الزيت الذي كُنّا لا نعرف أهميته في حياتنا غير منتج واحد رئيس ومهم، الجازولين أو كما يُسمى محلياً (القاز) لأنه كان الوقود الأحدث بعد الحطب.
أمهاتنا كنّ يطبخن الطعام على الحطب. ثم دخل القاز في حياة الناس فأصبح (الدافور) وهو السهل بتشغيله، يعتمد على ضغط تلك المادة النفطيّة المكررة فتصعد مادة الاحتراق لرأس الدافور النحاسي فيحدث الاشتعال مع قدحِ عود الكبريت. ثم حدث أن زارتنا أرامكو في عقر دارنا في الخرج من خلال معرضها المتنقل. عرفنا بفضل ذلك المعرض ما هو النفط. كيفية تكريره. عمل المصافي. فصل مكونات الطاقة عن النفط الخام بمكوناته الثقيلة. وفي خاتمة زيارة المعرض تم توزيع مجلّة قافلة الزيت على من يرغب من الزوار.
الشغوفون منّا بالمعرفة لم ينتظروا الوصول إلى منازلهم لتصفح تلك المجلة وقراءتها فساقي الخرج بضفته المتاخمة لخيمة المعرض يشهد على أولئك الفتية وبين أيديهم تلك المجلة.
لماذا القافلة، ولماذا أكتب عنها؟
ليس أنا من حرث الذاكرة كي استحضر تلك التداعيات، ولكن الزملاء في تحرير مجلة القافلة وهم يحتفلون بعددها رقم (700) كتبوا زاوية اليوم في قافلتهم المجلّة وقافلتنا في هذه الجريدة.