منصور ماجد الذيابي
نعلم جميعًا ومع تزايد وتيرة الأعمال الإجرامية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة المحاصر أن الحرب غير المتكافئة بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية, والتي بدأت في السابع من أكتوبر تشرين أول الماضي وتسببت حتى الآن في استشهاد أكثر من 12.300 شهيد بينهم قرابة 4500 من الأطفال وحديثي الولادة إضافة إلى نزوح مليون ونصف المليون نازح من أصل سكان القطاع البالغ عددهم مليونين ومائة ألف فلسطيني, نعلم أن الحرب سوف لن تنتهي وفقًا للمؤشرات الحالية إلا عسكرياً على أرض المعركة نظرًا لفشل كل الجهود السياسية والدبلوماسية إقليمياً ودولياً في إقناع العدو الإسرائيلي بسحب قواته من القطاع ووقف الدمار وفك الحصار البري والبحري والسماح بدخول المساعدات الإنسانية الأممية والإقليمية لسكان القطاع الصامدين على أرضهم تحت وابل من قذائف الطيران الإسرائيلي للمنازل والمدارس وكل المعابر والممرات والمستشفيات في مشهد لم يشهد له التاريخ مثيلاً منذ الحرب العالمية الأولى.
وبينما يتوقف نبض الضمير العالمي تجاه ما يجري من قتل متعمّد للأطفال والنساء والشيوخ, وتجاه قيام إسرائيل بارتكاب المجازر والإبادة الجماعية والتهجير القسري واقتحام منازل المدنيين بل واقتحام حتى المستشفيات وتهجير المرضى كما حدث قبل أيام عندما أخرجت قوات الاحتلال أكثر من 5000 مريض من مستشفى الشفاء وتحويله فيما بعد إلى ثكنة عسكرية, إضافة إلى منع إدخال الوقود إلى القطاع وإيقاف كل الإمدادات الأساسية للحياة من المياه والكهرباء والاتصالات على مرأى من الدول الغربية التي ما فتئت تؤكد على حقوق الإنسان كغطاء لمساندتها دولة الكيان الإسرائيلي, والاكتفاء فقط بإعلانات بيانات التنديد تجاه هذا العدوان السافر المتمثل في جرائم الحرب وانتهاك القوانين والمواثيق الدولية الأمر الذي يشير إلى أن المقاومة الفلسطينية ممثلة في كتائب القسّام والجهاد الإسلامي وسرايا القدس لن تصمد طويلاً أمام كل هذا الحشد من القوات الإسرائيلية المدعومة عسكريًا من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا اللتين أعلنتا سابقًا في مجلس الأمن الدولي عدم الموافقة على تمرير قرار بوقف إطلاق النار في غزة, واللتان كان ممثلوها توافدوا تباعًا إلى تل أبيب لإعلان تضامنهم ومساندتهم لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين, وكان من بينهم وزير خارجية أمريكا انتوني بلينكن الذي قال لرئيس وزراء إسرائيل خلال استقبال الأخير له في تل أبيب: «لقد جئت اليكم كيهودي وليس كدبلوماسي أمريكي», في إشارة عنصرية للدعم الأمريكي اللامحدود, مما يفسر لنا بكل جلاء ووضوح أن الحل لإنهاء الطغيان المتدفق على القطاع والضفة الغربية لن يكون إلا عسكريًا وبالقوة نفسها والسلاح كما أشرت في مقالات سابقة عن الحروب ومنها على سبيل المثال «ماذا بعد إشعال الحرائق في الشرق الأوسط», ومقال «بناء المستوطنات وهدم الثقافات», و»الوقود مقابل اليهود», وكذلك مقال «أفق الحل في الأزمة السودانية» الذي أوضحت فيه أن الحرب في السودان لا ولن تنتهي إلا بانتصار أحد طرفي النزاع على الآخر بعد أن تم استنفاد كل الجهود الدبلوماسية والوساطات الإقليمية دون التوصل إلى حل لإنهاء الحرب.
ولذلك, وانطلاقًا من قوله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ}, وبما أن الدول الغربية تستخدم إسرائيل وكيلاً محاربًا عنها في الشرق الأوسط مثلما تعاقد حلف شمال الأطلسي مع أوكرانيا لتكون وكيلا ينوب عنها لقتال الروس, فإنني أتساءل هنا - لأجل وقف العدوان الغربي السافر وفك الحصار الصهيوني عن القطاع - حول إمكانية أن تتعاقد السلطة الفلسطينية مع جيوش عسكرية من إفريقيا وآسيا الوسطى وأمريكا الجنوبية بحيث يتم التعاقد مع هذه الجيوش على غرار تعاقد وزارة الدفاع الروسية مع شركة فاغنر للقتال نيابة عنها في مناطق واسعة من العالم كما حدث سابقًا في ليبيا ويحدث حاليًا في أوكرانيا.
وأخيراً أشدد من خلال منبر الجزيرة الصحفي على أهمية أن تسهم كل دول العالم بتقديم المساعدات الإنسانية للمحاصرين في القطاع, وكانت المملكة العربية السعودية بادرت بإطلاق جسر جوي لأكثر من 15 طائرة شحن تحمل آلاف الأطنان من المواد الغذائية والدوائية والإيوائية التي يقدمها ويشرف على إيصالها وتسليمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.