د. محمد بن أحمد غروي
أعتقد أن الكثيرين لم يسمعوا عن فيينتيان عاصمة جمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية إلا قبل فترة وجيزة بالتزامن مع زيارة رئيس وزرائها للرياض لحضور قمة دول الخليج العربية ورابطة دول آسيان التي عقدت الفترة القريبة الماضية، وموافقة مجلس الوزراء السعودية على إقامة علاقات دبلوماسية معها.
(لاوس)، الجمهورية الصغيرة الواقعة في جنوب شرق آسيا، وإحدى دول رابطة آسيان العشرة، المتاخمة حدوديًا بين الصين وفيتنام وتايلاند وكمبوديا وميانمار، تميزت بنمو اقتصادي مذهل بمتوسط 7.3 % خلال العقود الماضية، كما يتوقع صندوق النقد الدولي أن تحقق لاوس نموًا اقتصاديًا يبلغ 4 % في العام الجاري، فهي تعتمد على منتجاتها الزراعية التي تصل إلى 50 % من أساس اقتصادها، كما وضعت فيينتان إستراتيجيها العشرية لتطوير التصدير الزراعي للتحول من الاقتصاد القائم على الموارد الطبيعية إلى الاقتصاد الإنتاجي، حيث لا يزال يعمل حوالي 85 % من مواطنيها في القطاع الزراعي.
قبل عقد من الزمان بدأت (لاوس) الدولة الصغيرة بفتح أسواقها للاستثمار الخارجي، فقد انضمت إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2013 ولفتح شهية الاستثمارات الأجنبية من دول الجوار كتايلاند والصين وفيتنام، فضلًا عن وجود تعطش للطاقة تزامنًا مع النهضة الجديدة للبلاد، فأعلى وارداتها هو البنزين والديزل، فيما شهدت أزمات ارتفاع في الطاقة مع شح وارداتها، إلا أنها تتميز في المقابل بتصدير معادنها الخام كالحديد والنحاس والذهب، إذ يعد التعدين فيها فرصة جيدة للاستثمار.
هناك مستقبل تعاون مثمر بين الرياض وفيينتيان في مجالات عدة، منها: الاستثمار والزراعة والسياحة، إذ إن لاوس تتطلع إلى استيراد النفط من السعودية وتصدير المنتجات الزراعية لها. إن احتياج لاوس إلى النفط والطاقة بشكل متسارع يفتح الباب لإمكانية تعاون مستقبلي واسع النطاق مع السعودية، إلى جانب إمكانية تطوير العلاقات الاستثمارية بين البلدين في الجوانب التي تشهد مصدر جذب للمستثمرين في لاوس، مثل قطاعات السياحة والثقافة والتعدين والزراعة، كما أنه يمكن لمنتجات لاوس الزراعية في المملكة مركزًا في منطقة الشرق الأوسط والإقليم الخليجي مستقبلًا في حالة توسع التعاون الاقتصادي بين البلدين.
المتابع للسياسة السعودية يرى انفتاح الرياض على الشرق الآسيوي، ورغبة صادقة من لدن دول آسيان في توطيد علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي عمومًا ومع السعودية على وجه الخصوص، حيث طالبت مملكة كمبوديا أيضًا بفتح سفارة لها لدى مملكة كمبوديا، وحيث تعتقد الحكومة الكمبودية الحالية أن العلاقة القائمة بين البلدين تبدو مختلفة عمَّا كانت عليه في ظل الحكومات السابقة.
في تصوري أنه مع اكتمال العقد الدبلوماسي بين دول الجنوب الشرقي الآسيوي والرياض، سنرى فصلاً جديداً من علاقات أوثق ومجالات عديدة أرحب.