سارا القرني
عندما ينتابنا الحزن، فإنه يطغى على حياتنا بطريقة قوية، تُشعر الإنسان بثقل القلب والضغط على النفس، وهذا التأثير السلبي للحزن يمكن أن يؤثر على جوانب حياتنا المختلفة، وقد تكون الأسباب المؤدية للحزن متنوعة.. منها الخسائر الشخصية، الفقدان والإحباطات، وهذه الأحداث الحزينة تدعونا لعكس التفكير والتأمل في كيفية تأثير الحزن على حالتنا النفسية والروحية.
يقول الله سبحانه في كتابه الكريم {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} إذاً.. ابتلاءات الله تأتي بأشكال مختلفة، واختبارات لنا متعددة، لكنّ الصبر هو الحلّ والتسليم هو النجاة، ولو غيرنا طريقة تصورنا للأمور لتغيّر معها وقع الأمور كلها، والشاهد {عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}.
لكنّ الحزن جزء لا بدَّ منه من حياتنا، رغم أنه لا ينبغي أن يملأ حياتنا بالكامل ويحجب عنَّا السعادة والفرح. يُقال: «الحزن ليس نهاية الطريق، وإنما هو محطة تجعلنا نقدّر الفرح ويمدنا بأمل أكبر» ويُقال «الحزن لا يكسرنا، بل يصقلنا ويجعلنا أقوى وأكثر وعياً». لذلك.. من جعل من الحزن والألم يعلّمانه الكثير عن نفسه وقوّته الداخلية، فقد ساهم بتطور شخصيته ونموه الروحي دون أن يعلم.
للبعض قد يبدو العالم مظلماً عندما يشعرون بالحزن، لكن من الضروري أن يتذكروا أنه حتى في أكثر الليالي المظلمة توجد نجوم تضيء طريقهم، قد نجد السعادة والفرح في أشياء بسيطة تحيط بنا يومياً، كحضن عابر، أو صباح هادئ، أو حتى ابتسامة طفل، فالسعادة تنتظرنا في كل ركن من أركان الحياة، ولكن قد نكون بحاجة للتركيز والتوقف لنشعر بها.
وعلينا أن نتذكر بأن الحياة مليئة بالتفاصيل الصغيرة التي تجعلها جميلة. لكن عندما نترك الحزن يسيطر على حياتنا.. فإننا قد نغفل عن هذه التفاصيل ونفتقد السعادة الحقيقية، هذه السعادة التي نظنّ أنها تكمن في المكاسب الكبيرة فقط، لكنها تنبع من قدرتنا على رؤية الجمال في أشياء بسيطة وحقيقية حولنا، يقول هنري ديفيد تورو: «لا تنتظر حتى تكون سعيدًا لتبتسم، بل ابتسم لتكون سعيدًا»!
السعادة أحياناً.. تكمن في منح الآخرين سعادتهم، وقد قرأت ذات مرة عن مجموعة من 50 شخصاً يحضرون ندوة. فجأة توقف المتحدث وبدأ بإعطاء كل شخص بالوناً وطلب من كل شخص كتابة اسمه عليها باستخدام قلم تحديد ثم جَمَع كل البالونات ووضعها في غرفة أخرى بشكل عشوائي، ثم سمحَ لهم بالدخول إلى تلك الغرفة وطلب من كل شخص العثور على البالون الذي كتب اسمه عليه في غضون 5 دقائق.
كان الجميع يبحثون بشكل محموم عن أسمائهم، ويدفعون; ويصطدمون ببعضهم البعض; وكانت هناك فوضى عارمة، وفي نهاية الـ5 دقائق; لم يتمكن أحد من العثور على البالون الخاص به!
الآن طلب من كل شخص أن يجمع بالوناً بشكل عشوائي ويعطيه للشخص الذي كُتِبَ اسمه عليه، وفي غضون دقائق كان لدى الجميع بالونهم الخاص، قال المتحدث: هذا بالضبط ما يحدث في حياتنا. يبحث الجميع بشكل محموم عن السعادة في كل مكان ولا يعرفون مكانها، سعادتنا تكمن في سعادة الآخرين. امنحهم سعادتهم ستحصل على سعادتك الخاصة!