فضل بن سعد البوعينين
نجحت المملكة منذ مطلع العام الحالي في عقد قمم متتالية، واستضافة ما يقرب من 116 من زعماء الدول شاركوا في اجتماعات مكثفة هدفها الأساسي تحقيق التنمية الاقتصادية، والأمن والسلام الدولي، ومواجهة التحديات الاقتصادية، السياسية، والأمنية المهددة لمستقبل الدول، والمؤثرة في أمنها واستقرارها ورفاهية شعوبها.
عززت قمم الرياض فرص تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية والاقتصادية بين المملكة والمجموعات الدولية، كمجموعات مشتركة، وكدول مستقلة تربطها بالمملكة شراكات استراتيجية نوعية، كما عززت حضور المملكة، وقدراتها التفاوضية في المجتمع الدولي، وحصولها على الدعم لمبادراتها المختلفة، وكسب الأصوات في المنظمات الدولية. لقمم الرياض بعد آخر قد لا يتفطن له الكثير، مرتبط بحشد المواقف وجمع الأصوات المرجحة لمواقف المملكة ومبادراتها التي تحتاج إلى أغلبية التصويت، كاستضافة معرض إكسبو 2030 وكأس العالم 2034.
إعادة ترتيب العلاقات الخارجية وتنويعها، وتحقيق التوازن الأمثل في العلاقات الخارجية وبما يضمن المنفعة الكلية ويحقق مصالح المملكة الآنية والمستقبلية من أهم أهداف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لارتباطها الوثيق بمستهدفات رؤية 2030 من جهة، ولانعكاساتها الإستراتيجية على مستقبل العلاقات الدولية من جهة أخرى.
قمم إقليمية ودولية متعاقبة، وفي فترات زمنية قصيرة، تطلب إنجاحها الكثير من الجهود الدبلوماسية، والعمل الدؤوب، والتنظيم من فرق عمل متخصصة، عكست قدرة المملكة واحترافيتها في احتضان القمم والمؤتمرات الدولية، وما يتمتع به أبناؤها من كفاءة وقدرة على إنجاز أعمال القمم بكل يسر واحترافية.
لا خلاف على أن ثقة العالم في قيادة المملكة، ومكانتها السياسية المؤثرة في العالمين العربي والإسلامي، والمجتمع الدولي، وقدراتها الاقتصادية ورؤيتها التنموية، ودبلوماسيتها المتزنة، والحكيمة، عزز من قدرتها على عقد القمم المتتالية، وتلبية زعماء العالم لدعواتها، وضمان نجاحها، وفاعلية مخرجاتها لتحقيق أهدافها التنموية والسياسية والأمنية.
لم تعد المملكة متلقية للمبادرات والقرارات الدولية، بل أصبحت صانعة لها، في جميع القطاعات السياسية والاقتصادية والأمنية، وبما يحقق مصالحها ومصالح الدول العربية والإسلامية والمنطقة عموما.
مكاسب مهمة حققتها المملكة من خلال القمم التي احتضنتها، ومنها تنسيق المواقف السياسية، ومعالجة التحديات الأمنية، وعقد الشراكات الإستراتيجية، وتحفيز التبادلات التجارية، الاقتصادية والثقافية، وتوفير الدعم المتبادل للترشيحات الدولية وتنسيق الجهود.
من اللافت في جميع القمم دعمها لترشيح المملكة لاستضافة معرض إكسبو 2030، وتضمين ذلك في البيانات الختامية، إضافة إلى تأكيد زعماء الدول على بذل الجهود لدعم الترشيح. ففي آخر القمم التي عقدت في الرياض، تضمن البيان الختامي للقمة السعودية ودول الكاريكوم، على «دعم المملكة لاستضافة معرض إكسبو 2030 في مدينة الرياض، وبذل الجهود كافة لدعم هذا الترشيح».
الأكيد أن ذلك الدعم الدولي المنظم لم يأت عرضاً، بل جاء من خلال إستراتيجية إدارة ملف الاستضافة الذي وقف خلفه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتابع تطوراته بدقة متناهية، وتسويقه، وحضور بعض الاستقبالات التسويقية له، وعمل من أجل تسخير الجهود واستثمار جميع الأدوات المتاحة لحشد الدعم الدولي لاستضافة الرياض لمعرض إكسبو2030، منذ إعلان سموه عن تقدم المملكة بطلبها الرسمي إلى «المكتب الدولي للمعارض»، وربما قبل ذلك بفترة ليست بالقصيرة، عطفا على التخطيط الإستراتيجي الذي بات نهجا، وقاعدة لاتخاذ قرار إطلاق المبادرات والمشروعات المختلفة.
أيام قليلة تفصلنا عن الإعلان عن الدولة المستضيفة لمعرض إكسبو2030، استبقتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض بإقامة حفل ختامي للحملة، وورشة عمل في مدينة مودون الفرنسية، حول ملف الاستضافة بحضور وفد سعودي رفيع المستوى وبمشاركة ممثلين عن عدد كبير من الهيئات والدول، عرضت المملكة فيها ثلاثة محاور رئيسية لإكسبو الرياض 2030، وهي الغد الأفضل، والعمل المناخي، والازدهار للجميع.
صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية أكد على « أن ملف الرياض إكسبو الذي تقدمت به المملكة يحقق ما التزمت به من تأكيد سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- بإقامة نسخة غير مسبوقة من معرض إكسبو بأعلى مراتب الابتكار، وتقديم تجربة استثنائية في تاريخ هذا المحفل الدولي»، وهذا ما ستقوم به المملكة بالفعل، ليس في المعرض فحسب، بل وبنتائج رؤية السعودية 2030 التي سيتزامن تحقيقها في عام إقامة إكسبو الرياض، بإذن الله.
جهود كبيرة بذلتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض، قابلها دعم استثنائي، وجهود مكثفة ومباركة من سمو ولي العهد، وترقب يسيطر على مشاعر المواطنين تحسبا لنتائج التصويت النهائي، الذي أرجو الله أن يجعله من نصيب المملكة، ونفرح بتحقيق أهداف الرؤية وإقامة معرض إكسبو في الرياض، ثم كأس العالم بحلول 2034 بإذن الله.