سهوب بغدادي
«تهيب الملحقية الثقافية أبناءها المبتعثين بأخذ الحيطة والحذر من ....» إنها من إحدى الرسائل المعتادة لدى المبتعثين، ففي زحام يوم المبتعث الملئ بالأعباء الدراسية وتداعياتها فضلًا عن الحمل الأسري كون بعض المبتعثين لديهم أطفال ومرافقون، والأشد من ذلك العبء النفسي للغربة والاصطدام بالثقافة المغايرة ومحاولة التكيف عليها تباعًا وموازنة الأمور ومقاربتها داخل نفسه أولًا ثم في تصرفاته وحركاته وسكناته وأسلوب حياته الجديد كليًّا، فبعض المبتعثين لا يستطيعون الاندماج في المجتمع الجديد على الرغم من مستواهم العلمي الرفيع والمتقدم، والبعض الآخر يتعثر بسبب اللغة فتشكل حاجزًا بينه وبين حلمه، وهناك من يُغمر بنمط الحياة الذي يعتمد فيه على نفسه، فليس هناك لقمة ساخنة مجهزة له مسبقًا لحظة وصوله من عاصفة ثلجية، ولن تكون هناك أصوات حاضنة تحتفي بوصوله للمنزل، بالإضافة إلى المهام المنزلية اليومية، وما إلى ذلك، كل هذه الأمور عادية أو ستصبح عادية في نظر المبتعث أو كان مبتعثًا سابقًا، إلا أن الفترات الأخيرة اتسمت بالصعوبة بغض النظر عن كل مايواجه المغترب في الخارج لأي غرض كان، وذلك في خضم الأحداث السياسية التي تندلع في أنحاء مختلفة من الدول، بحسب بعض المبتعثين في الولايات المتحدة الأمريكية أن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي قد غيّر وتيرة أيامهم وألقى بظلاله عليهم في أبسط تفاصيل حياتهم، ووفقًا لبعض الأخوات المبتعثات في فرنسا فإن التمسك بالحجاب أضحى تحديًا يوميًّا بسبب جرائم الكراهية المتفشية في أوساط المجتمع الفرنسي والتي وصلت إلى المدارس والتعليم العام ولنا في حادثة طعن طالب مسلم لمعلم فرنسي في ساحة المدرسة -حمانا والله وإياهم من كل سوء- في زحام الإشكاليات لا ننسى مايقوم به سفراء الوطن في الخارج من جد واجتهاد ومحاولة عكس صور إيجابية ومشرفة عن دينهم ووطنهم، ونكبر دور الملحقيات الثقافية في الخارج ودورها في مثل هذه الأحداث.