د. فهد بن عبدالله الخلف
سألني الصديق العزيز عبد الله بن محمّد التويجري عن كلمة (نفود) بمعنى الكثبان من الرمال، أهي واردة في كتب اللغة ومعاجمها أم لا؟ وكنتُ مستغربًا من سؤاله؛ لأنّ هذه الكلمة متداولة كثيرًا عند الجغرافيّين، وبين عامّة الناس في المملكة العربيّة السعوديّة، وقال لي أيضًا: إنّه لم يجدها بمعنى الكثبان الرمليّة فيما بين يديه من المعاجم. فشرعتُ أبحث عن مادّة (ن/ف/د) في بعض معاجم اللغة التي أقتنيها مثل: العين المنسوب إلى الخليل بن أحمد (ت175ه)، والمحكم والمحيط الأعظم لابن سيده (ت456ه)، ومقاييس اللغة لابن فارس (ت395ه)، ولسان العرب لابن منظور (ت711ه)، وتاج العروس وجواهر القاموس للزبيديّ (ت1205ه)، والمعجم الوسيط لمجمع اللغة العربيّة في القاهرة فلم أظفر بالمعنى المتداول لهذه الكلمة في اللهجة السعوديّة الدارجة، وخطر ببالي أن أبحث عنها في معجم البلدان لياقوت الحمويّ (ت626ه) ولم أجد شيئًا عنها.
ثم لجأتُ إلى المعجم الجغرافيّ للبلاد العربيّة السعوديّة للشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- فوجدتُ فيه حديثًا علميًّا مهمًّا حول لفظة (نفود) أنقله بنصّه؛ لأنّه تحقيقٌ علميٌّ نفيس، قال الشيخ حمد: «النفود بضمّ النون والفاء بعدها واو فدال مهملة تطلق هذه الكلمة على الرمال العظيمة المستطيلة كالنفود الكبير (عالج قديمًا)، ونفود السرّ، ونفود البتراء، ونفود الملحاء غرب الوشم. كما يطلق على أجزاء من أطراف الدهناء، ولم أرَ لكلمة النفود في كتب اللغة التي اطّلعتُ عليها ما يفهم منه أنّا يُقصَد بها الرمال، اللهمّ إلّا إذا كانت جمعًا لكلمة نَهْد بمعنى الارتفاع، والنهداء يقصد بها الرملة المرتفعة، وهم في عصرنا يجمعون النفود على نِفْد -بكسر النون وإسكان الفاء- وأعظم ما يطلق عليه النفود هو النفود الكبير الذي هو الجزء الشماليّ الغربيّ من رمال الدهناء، وكان يُعرَف قديمًا باسم رمال عالج»(1).
يبدو أنّه طرأ على كلمة (نفود) إبدال لغويّ اقتضى إحلال الفاء مكان الهاء، وهو إبدال لغويّ سماعيّ غير مطّرد. وجمع المفرد الذي على وزن فُعُول على وزن الجمع فِعْل يبدو لي أنّه غير مشهور عند التصريفيّين، ولم يُدرجه أكثرهم ضمن أوزان جموع الكثرة(2).
وفي الختام نتوصّل إلى هذه النتيجة، وهي أنّ لفظة (نُفُوْد) لم يدوّنها اللغويّون في معاجم الألفاظ القديمة بإطلاقنا الحديث لها -بحسب اطّلاعي- وبحسب إشارة الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله-، ولم يشر إليها مؤلّفو المعجم الوسيط، ولم يدوّنها ياقوت معجم البلدان؛ وقد تكون من الألفاظ المولّدة التي بدأ استعمالها في العصور المتأخرة مرادًا بها الكثبان الرمليّة، وقد تكون لفظة قديمة جرى فيها تغيّر لغويّ بإحلال الفاء مكان الهاء من كلمة نهد كما رأى ذلك الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله-، وهذا الضرب من الإبدال اللغويّ شاذّ، وليس بإبدال صرفيّ تحكمه القوانين الصوتيّة التي يمكن تفسيرها تفسيرًا صوتيًّا.
**__**__**__**
الحواشي:
(1) الجاسر، حمد: المعجم الجغرافيّ للبلاد العربيّة السعوديّة شمال المملكة إمارات: حايل والجوف وتبوك وعرعر والقريّات، القسم الثالث (ع-ي)، منشورات دار اليمامة، للبحث والترجمة والنشر، الرياض، المملكة العربيّة السعوديّة، ص1322.
(2) انظر كحيل، أحمد حسن: التبيان في تصريف الأسماء، دون دار نشر، الطبعة السادسة، د.ط، د.ت، ص130-ص144.