خالد بن حمد المالك
بينما كانت حماس وإسرائيل تتفقان على هدنة لمدة أربعة أيام مشروطة بفتح الممرات، ودخول المواد الغذائية والصحية والمحروقات، وتبادل للأسرى في عدد محدود بين الجانبين، كانت أمريكا في نفس الليلة تعلن عن تواصل دعمها العسكري لإسرائيل، بتزويدها صواريخ دقيقة وموجهة، وقذائف مدفعية من عيار 155، وأنظمة دفاع جوي، وأنه سيتم تأمينها من مخزون الجيش الأمريكي داخل إسرائيل وغيرها.
* *
وبينما يعلن البنتاجون عن ذلك، يتحدث رئيس وزراء إسرائيل حين كان يعلن عن موافقة إسرائيل على صفقة تبادل الأسرى، وهدنة لأربعة أيام، والسماح بدخول المساعدات، عن أنه طلب من صديق إسرائيل جو بايدن أن يتدخل لتحسين شروط الاتفاق، وأنه قد استجاب، وحصل ذلك فعلاً، ما يعني أن الاحتلال سيبقى في حالة حرب مع حماس متى انتهت هذه الهدنة، أو الهدن القادمة، طالما وجد مثل هذا الدعم الأمريكي المفتوح الذي يشجع إسرائيل على مواصلة العدوان.
* *
الدعم الأمريكي لإسرائيل بالمعدات والأسلحة لا يستثني استخدامها في عدوان المستوطنين والجيش الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وإن قال بايدن من باب التعتيم على مواقفه في دعم العدوان الإسرائيلي من أنه سوف يمنع منح التأشيرات للمستوطنين الإسرائيليين من الدخول لأمريكا ممن يمارسون القتل في حق الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين، ودون أن يشير إلى إيداع أكثر من 2500 مواطن فلسطيني من الضفة الغربية في غياهب السجون الإسرائيلية المظلمة منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي.
* *
لقد ظلت إسرائيل الدولة المدلَّلة، كما لو كانت إحدى ولايات أمريكا، تُمد بالسلاح الأمريكي الحديث والأكثر تطوراً، ويكون التدخل الأمريكي - كما في غزة - وكما كان في حروب إسرائيل السابقة جاهزاً وبكل ما يجعل إسرائيل في حالة تفوق وقدرة في احتفاظها بالأراضي المحتلة، والاستيلاء والتوسع في أراض فلسطينية وعربية.
* *
علماً بأن الهدنة هي بمثابة استراحة محارب فلسطيني، ولكنها إسرائيلياً من أجل التخطيط نحو تحقيق المزيد من القتل والدمار، وزيادة الأطماع في حقوق الغير، لكنها في هذه الحرب أثبتت أنها لا تملك جيشاً لا يقهر، ولولا سيطرتها الجوية بحكم امتلاكها لمنظومة من الطائرات الأمريكية الحديثة لما كان لها القدرة على المواجهة في حرب برية مكشوفة وفي الميادين على الأرض التي يجري فيها القتال.
* *
من المهم استثمار هذا الزخم المناوئ لإسرائيل، والاستفادة من تداعيات هذه الحرب على إدانة إسرائيل، للتأكيد على إقامة الدولة الفلسطينية، فكثير من الدول والشعوب ممن كانت تدعم أو تتعاطف مع إسرائيل لم تعد كذلك بعد ما ارتكبه جيش العدو من جرائم حرب، وإبادة جماعية، ومجازر بحق المدنيين، وعدم التزام بقوانين الحرب.
* *
نعم، الشهداء من المدنيين الفلسطينيين كثر، وهدم المنازل شمل مساحات واسعة من القطاع، وجرائم إسرائيل لم تستثن حتى المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، وكل صور الانتقام ظهرت واضحة في المشاهد الدموية التي أمكن للمصورين نقلها عبر وسائل الإعلام، وهو ما يؤكد على أن التعامل مع إسرائيل لن يجدي فيه إلا القوة في المواجهات، حتى مع وجود تفوق إسرائيلي عسكري في العدة والعتاد، يقابله شجاعة الفلسطينيين وإقدامهم وإصرارهم على نيل حقوقهم المشروعة مهما غلا الثمن، وتعاظمت التضحيات، لأن النصر المؤزر قادم، وإن تأخر، فسوف يتحقق وإن بالغ العدو في جرائمه وعدوانه.