أحمد المغلوث
عندما نشرتُ يوم السبت الماضي، في حسابي في وسائل التواصل الاجتماعي كاريكاتيرًا، حمل عنوان «ناكرين الجميل»، والذي جسّدت فيه أحدهم يخاطب عمه الذي كان يشعر بالضيق من تجاهل ما قدمته المملكة وتقدمه دائماً للأشقاء في فلسطين، فقال له: (من حقك يا عمي تتضايق وتزعل، وفيه ناس جاحدة وناكرة للجميل مهما عطيت وقدمت، لكن الحق لا يضيع، وبلادنا تعطي ولا تنتظر الشكر، يكفيها بركة الله، ونجاح وطننا الشامخ الذي يقدم خدماته الإنسانية للدول المتضررة ولمن يحتاج إليها.
لكن الأمر الغريب والمستهجن هنا، من يعض اليد التي امتدت له بالخير). كان ذلك هو ما كتبته كتعليق داخل «الكاريكاتير، والعم وابن أخيه يشاهدان الجسر السعودي الجوي والبحري؛ دعماً للأشقاء في غزة.
بعدها اتصل بي أكثر من متابع لشخصي المتواضع، طالباً أن أتوسع فيما طرحته، وأكتب عن هذا الجحود القبيح.
وقبل أن أبدأ في كتابة هذه السطور، أذكر ما كنا تعلمناه في المدارس، وحتى من خلال الحياة الاجتماعية المختلفة، خاصة مع انتشار هذه الظاهرة الممجوجة، ومنذ القدم؛ بمعنى أنها ليست وليدة العصور الحديثة، وإنما هي ظاهرة مذمومة عبر التاريخ، وفي مختلف الشعوب الممتقدمة أو المجتمعات التي تعيش تحت خط الفقر.
وفي تاريخنا الإسلامي والعربي كنوز من العبارات التي عبرت بأسف عن «الجحود»، فها هو المتنبي يقول:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته..
وإن أكرمت اللئيم تمردا.
وقال ابن الأثير: من كان عادته وطبعه كفران نعمة الناس، وترك شكره لهم، كان من عادته كفر نعم الله -عز وجل-.
والمؤسف، بل المحزن حد الجرح، أن تجد ذباب التواصل الاجتماعي الذين ينتشرون بقذارتهم، وهم يضعون على عيونهم نظاراتهم السوداء، وبالتالي تجدهم في كل المواقع بأسماء مزيفة وحسابات وهمية، يدبجدون التغريدات والصور المزيفة، وبعضهم استغل الذكاء الاصطناعي لتقديم محتويات مزيفة واضحة، ومن دون خجل، ولا اعتبار للقيم العربية والإسلامية وحتى الإنسانية.. فهم يشوهون الحقائق ويقدمون الزيف والكذب، ويكتبون من «الخاصرة» أفكاراً غير حقيقة وقاصرة.
على مدى 75 عاماً من الاهتمام والمتابعة والعطاء صباح مساء، ومملكة الإنسانية تعطي في الخفاء أكثر مما تعطيه في العلن.. هكذا هي بلادنا منذ عهد الموحد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وهي تقف بجانب الأشقاء في فلسطين، وغير فلسطين، وجميعنا والتاريخ يعرف كيف وقف الملك سعود -رحمه الله- في الأمم المتحدة عام 1957 وهو يحمل العلم الجزائري على هامش نقاش القضية الجزائرية، وذلك دعماً للجزائر الشقيقة.
والعالم يعرف كيف دعمت المملكة القضية الفلسطينية، فكان اهتمام جلالة الملك فيصل -رحمه الله- عام 1938، عندما مثّل والده في مؤتمر لندن لبحث قضية فلسطين، وخطب خطابًا مهمًا، عارض فيه مشروع تقسيم فلسطين.
وكرت السبحة والاهتمام من خلال مختلف الملوك خالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله-، وها هو الملك سلمان -أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية- وولي عهده الأمين، يواصلان ويدعمان باستمرار الشقيقة فلسطين، وكم جسر جوي وبحري توجه خلال العقود الماضية لدعم الضفة وقطاع غزة.
ولقد تفاجأ كل من شاهد اللوحة التي تحمل اسم مركز الأمير نايف لتشخيص وعلاج أمراض السرطان في مستشفى الشفاء بغزة، والذي يعد المركز الوحيد فيها.
ولقد أثار دهشة وتفاعل كل من شاهد اللوحة.
ترى هل قام أحد المأجورين من الذين يغيّرون الحقائق «الشمس»، ويحاولون تغطيتها بمنخل.
وكما قيل «أسوأ الناس خلقاً من ينكر الفضل والعطاء».