م. خالد إبراهيم الحجي
أطلقت المملكة العربية السعودية اختبار قطار الهيدروجين بعد اتفاقية مع شركة القطارات الفرنسية ألستوم، ويمكن للقطارات التي تعمل بالهيدروجين أن تحقق سرعات تصل إلى 140 كيلومترا في الساعة، وتقطع مسافات تصل إلى 1000 كيلومتر دون إعادة التزود بالوقود، وهو ما يزيد بعشر مرات عن القطارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات. كما تتم عملية التزود بالوقود بسرعة أيضًا في أقل من 20 دقيقة. والهيدروجين في حد ذاته غاز عديم اللون والرائحة وغير سام. ومع ذلك يتم إنتاجه أو استخلاصه بطرق مختلفة والتي تختلف في طريقة تأثيرها على البيئة التي نحن بصدد حمايتها من التلوث، واعتماداً على تقنية الاستخراج/ الإنتاج المستخدمة، يتم تصنيف الهيدروجين إما على أنه أسود/ بني/ رمادي/ أو أزرق أو أخضر.
ومن المؤكد تقريباً أن الهيدروجين، وتحديداً الهيدروجين الأخضر والأزرق، سيلعب دوراً مهماً في البنية التحتية للطاقة المستقبلية الخضراء الخالية من غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو العنصر الرئيسي في الجو الذي يؤدي إلى الاحتباس الحراري المسبب لتغُّيرات المناخ. وتسعى مؤتمرات تغُّير المناخ المتعاقبة التي تنعقد كل خمس سنوات إلى إيقاف تزايد الانبعاثات الكربونية في البيئة، وحض الدول على العمل حثيثاً للتقليل منها، وقد كان آخرها مؤتمر شرم الشيخ وقبله مؤتمر باريس بمشاركة 150 دولة حتى الآن؛ ويعد قطاع النقل أكبر مساهم لانبعاثات الكربون في الهواء ومسؤول عن 29 في المائة من مجموعها، ويعتبر الهيدروجين الأخضر والأزرق مصدراً مهما للطاقة االخضراء، وهو جزء رئيس، لابد منه، في طريق تحقيق مستهدف يصل إلى نسبة 100 في المائة من إنتاج الطاقة الخالية من غاز الكربون.
ويأتي مشروع القطار الهيدروجيني الرائع ضمن التزام المملكة بالمبادرة العالمية الخضراء، إذ إن استخدام الهيدروجين يتميز بالقدرة على تقليل تلوث الهواء بشكل كبير من الغازات الكربونية المنبعثة من الشاحنات والحافلات والقطارات والطائرات والسفن. وقد وضعت المملكة خطط التنمية المستدامة بشكل أساسي للحث على نمط حياة أكثر ملاءمة للبيئة، وركزت هذه الخطط على تعقب جميع مصادر التلوث البيئي المحتملة حتى النخاع، وفي مثل هذه الظروف، تم تحديد صناعة النقل باعتبارها المسؤولة الأكبر عن كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة في البيئة متمثلة ابتداءً بتجربة القطار الهيروجيني، لأن الهيدروجين الأخضر والأزرق مصدر للطاقة قادر على توفير المزيد من الطاقة بأقل ضرر على البيئة، لذا فإن العالم الحديث يُجمع الآن على أنه مصدر فعال للطاقة الخضراء.. وتعد المملكة سباقة، من بين الدول المنتجة للوقود الأحفوري (النفط والغاز)، إلى مبادرة الاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق، في إطار جهودها الرامية إلى التحول التدريجي إلى مصادر الطاقة النظيفة الخضراء، وتصديرها إلى أنحاء العالم.. بلا شك، المملكة لديها القدرة والاستطاعة على تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي بعد أن تم اكتشاف حقل الجافورة، الواقع في شرق المملكة، وأنه يحتوي على احتياطي ضخم من الغاز الطبيعي اللازم لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق من خلال عمليات تكرير معقدة، ومن المعروف عالمياً، أن المملكة ضليعة في مجال التكرير، ومن أكثر الدول المتخصصة في مختلف أنواع التكرير البترولي، بل هي الأولى على الإطلاق في هذا الاختصاص منذ إنشاء مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين قبل خمسة عقود، للاستفادة من المنتجات العديدة التي يمكن الحصول عليها من تكرير الوقود الأحفوري، الذي جعلها الآن تحتل الصدارة بلا منازع بين الدول المصدرة للبتروكيماويات.