أ.د.عبدالرزاق الصاعدي
قرأت في التباريح أنّ أبا عبدالرحمن بن عقيل الظاهري نشأ في أُوشيقر، وهي بلدة في إقليم الوشم في نواحي شقراء، بين الرياض والقصيم. (والتباريح تفاريق من سيرة أبي عبدالرحمن، وهي من أجمل ما كتبت يراعته.. متّع الله به).
كذا جرى اسم هذه البلدة على ألسنتهم وكذا كتبوها في اللغة المحكية، ونراها في بعض المصادر المتأخّرة مثل المنتخب في أنساب العرب للمغيري اللامي، ومعجم أسر بريدة للعبودي، وموسوعة القبائل لمحمد سليمان الطيّب.
فإن قيل: متى أُقحمت هذه الواو في أوشيقر؟ وهل لها أصل في العربية؟
قلت: هي من إقحامات العرب في القرون الأخيرة، ولعل أوّل من كتبها أخطأ في رسمها حين سمع الضمة مشبعة، ثم جرى أهلها على طريقته واعتادوا على رسمها، والإشباع قديم، منه «أَنظُورُ» من أنظُر، وهي لغة طيّىء، يقولون: نظرتُ إِليه أنظُورُ، في معنى أنظُر. قال الشّاعر:
حَتَّى كأنّ الهوى من حَيْثُ أنظورُ
أي أنظُر.
وقد رأيتها في طريق الرياض مكتوبة في اللوحات على الوجه الأصوب: (أُشَيقر) فهي تصغير أشقر، ومثلها أُحيمر وأُصيفر، ولو كانت تصغير جارتها في المكان شقراء، لقالوا: شُقيراء، مثل حُميراء تصغير حمراء.
ويبقى أن أقول: إنّي لا أخطّئ (أوشيقر) بل أجري فيه على منهجي في اللغة: وهو أن كل ما شاع على ألسنة المتكلمين والكتّاب العرب وانتشر وكان له نظير في القياس أو الشذوذ أو التوهم فإني أقبله، مع ترجيح الأرجح، والأرجح في هذا: أُشَيقر.
ولو بحث باحثٌ في تحريفات العوامّ في أسماء المواضع أو قل في تحوّلات أسماء المواضع على ألسنة المتأخّرين لوجد شيئًا كثيرًا لطيفًا يستحقّ أن يُرصد ويُدرس، وهذه دعوة إلى الباحثين للكتابة في هذا الموضوع، فلغتنا المحكية جديرة بالدراسة والكشف عما أصابها من تحوّلات فصيحة أو عامّية، ولا خير في لغويّ ينقطع عن زمانه ويعيش في زمان سيبويه.