خالد بن حمد المالك
يرى البيت الأبيض أنَّ ما تقوم به إسرائيل من مجازر بحق الفلسطينيين المدنيين في غزة يشبه ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من استهداف لداعش، أي أنه يقارن الشعب الفلسطيني كإرهابيين كما هم عناصر داعش الإرهابيون. ولو كانت أمريكا منصفة وتتحدث عن الواقع وفق قراءة صحيحة للعدوان الإسرائيلي لقالت إنَّ ما تقوم به إسرائيل من عمل إرهابي يفوق بكثير ما يقوم به عناصر داعش الإرهابيون، ولو كانت واشنطن منصفة - وهي ليست كذلك - لقالت إن الشعب الفلسطيني بكل تنظيماته يدافع عن حقه المشروع في طرد إسرائيل المحتلة والإرهابية، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
* *
أمريكا لا يُستَغرب منها هذا الموقف المنحاز بامتياز، فهي شريكة مع إسرائيل في الاجتياح البري لقطاع غزة، وهي لا غيرها سبب ما حدث في 7 أكتوبر، إذ إنها مَن دعم إسرائيل في رفض إقامة الدولة الفلسطينية الذي كان سبباً في استمرار مقاومة المحتل، ومواجهته بالقوة التي كانت سبب ارتفاع أصوات الشرفاء والعقلاء - وأمريكا ليست منهم - في المطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية ضمن خيار الدولتين.
* *
هناك فرق بين شعب يطالب بإخلاء أرضه من المحتل، وحقه في الكفاح المسلح لتحريرها، وبين مجموعة إرهابية كداعش تماثل في جرائمها ما تفعله الدولة الإرهابية الأولى بالعالم إسرائيل بحق الفلسطينيين، ثم يأتي الرئيس الأمريكي ليُشَرِّع لها هذا العدوان الغاشم، ويشجعها على الاستمرار في القتل، ومع الحد بقدر المستطاع -كما يقول- من قتل المدنيين، متجاهلاً أن إسرائيل تقوم بأعمال إرهابية وضربات عشوائية، حيث فَجَّرتْ المساجد والكنائس والمدارس ودور الإيواء والمستشفيات، وهدمتْ المنازل ومنعتْ الدواء والغذاء والماء والمحروقات، فيما يكتفي الرئيس الأمريكي (الإنساني) بتزويد إسرائيل بأفضل وأحدث الأسلحة لقتل الناس دون تفريق.
* *
لا أحد يفهم ماذا تريد أمريكا، فهي تتحدث عن خيار الدولتين، وتجهض تحقيقها، وتتحدث عن عدم قتل المدنيين، ولكنها تزود إسرائيل بالسلاح الفتاك لقتلهم، وهي ضد الإرهاب، ولكنها تدعم إسرائيل الإرهابية، وهي تتبنى حقوق الإنسان غير أنها تحصرها على من تريد من الشعوب، وتحرِّمها على الآخرين، كما أنها مع حرية التعبير، لكنها تحاربه وتقف ضده متى مسَّ جرائم إسرائيل، أو تحدث عن دولة فلسطينية.
* *
وما يجب أن تفهمه أمريكا والغرب قبل إسرائيل، أنه لا سلام ولا أمن ولا استقرار لإسرائيل مهما نكلت إسرائيل بالشعب الفلسطيني، ومهما أكثرت من فتح السجون، وزادت من حرمانهم من أبسط مقومات الحياة، فالمحتل لن يكسر شوكة وإرادة المناضلين من أجل استرداد حقوقهم المشروعة، ودولتهم المحتلة، وما يجب أن تستفيد تل أبيب وحكومتها العنصرية من درس 7 أكتوبر حتى لا يتكرر بما هو أكبر، أن تسارع في تسليم الأراضي المحتلة لأصحابها الفلسطينيين، وتترك لهم خيار تشكيل دولتهم على النحو الذي يضمن السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.