د. محمد بن أحمد غروي
تسعى إندونيسيا لتحقيق هدف صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2060، حيث تمثل الطاقة النظيفة أحد أهم المحاور التي ارتكزت عليها دول آسيان والدول الخليجية العربية خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع تأثر المنطقتين بالتغير المناخي بشكل كبير.
خطت آسيان بدورها خطوات جادة ومبادرات مهمة للاعتماد بشكل موسع على الطاقة النظيفة وسط نهم الطاقة التي يحتاجها الأرخبيل مع النمو الاقتصادي المتنامي والتحول الصناعي، ساعية أيضاً لجذب الاستثمارات والمشروعات التي تدعم الطاقة الخضراء في الجنوب الشرقي الآسيوي، فهي تتوافق معها الدول الخليجية في مشروعات الطاقة النظيفة التي تعتزم دعم استثماراتها في الطاقة المتجددة وعلى مستويات عدة من بينها مشروعات مشتركة مع إندونيسيا.
تقارير لمنظمات دولية تؤكد أن منطقة جنوب شرق آسيا بحاجة إلى استثمارات تقدَّر بأكثر من 29 تريليون دولار حتى عام 2050 لتحقيق التحول الكامل للطاقة النظيفة، وعلى ما يبدو فإن آسيان من أكثر الدول تضررًا من التغيّر المناخي الذي يعصف بالعالم، فتشير التقارير البيئية والاقتصادية إلى أن الدول ذات الدخل المنخفض ودول المحيط الهادئ المكونة من جزر عديدة من أكثر المناطق المعرضة لخطر الغرق داعية الحكومات بالاستثمار في حماية بنيتها التحتية وجعل مصادر المياه أكثر مرونة، مع تبني أساليب الزراعة الجافة وتحسين أنظمة الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية.
وبحسب تقدير منظمة السلام الأخضر للأضرار المالية، فإن القيمة المحتملة للأضرار التي ستسببها ارتفاع مستويات البحار والفيضانات الساحلية بحلول عام 2030 ستبلغ 724 مليار دولار، فضلًا عن نزوح الملايين من عواصم آسيان المتاخمة للبحار كتايلاند وجاكرتا ومانيلا تضع هذه المخاطر الكبرى منطقة آسيان برمتها في موقف لا تُحسد عليه، إذ يتطلب منها التوجه السريع إلى مصادر الطاقة النظيفة والاعتماد على الاقتصاد الأخضر بشكل أكبر حتى تتمكن من مجابهة هذه الأخطار والحدّ من التدهور في الأحوال البيئية للمنطقة.
الرابطة أعلنت عن التزامها بالاعتماد على 23 % من مصادر الطاقة الرئيسية في الإقليم على الطاقة المتجددة خلال عامين من اليوم، هادفة إلى جعل اقتصاد آسيان المستقبلي أكثر استقرارًا وتضمن تحقيق الطاقة العالمية والإتاحة الصحية ومجابهة التغير المناخي.
المشتركات بين الخليج العربية ورابطة آسيان في ذلك الإطار، جعل الطرفان يتفقان في قمتهما التاريخية على التأكيد على أهمية تعزيز العمل المشترك بين مركز رابطة الآسيان للتغير المناخي والكيانات المماثلة له في دول مجلس التعاون، والاهتمام بالعمل المشترك لتحقيق التحول إلى طاقة مستدامة، إلى جانب الأخذ بمبادرة المملكة العربية السعودية للشرق الأوسط الأخضر.
في اعتقادي أن الوثيقة الصادرة عن القمة هي نقطة ارتكاز للعمل على الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة بين الرابطتين، حيث تحتاج دول آسيان للسيولة لضخ مزيد من الاستثمار في هذا المجال لتحقيق هدف التحول نحو الطاقة النظيفة خلال العقدين القادمين وتحفيز الشركات الخاصة إلى التحول الجذري للطاقة المتجددة قبل فوات الأوان.