خالد بن حمد المالك
يوم أمس كانت شعوب دول الخليج العربية على موعد مع اجتماع الدورة الـ44 لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الدوحة بقطر، وذلك امتداداً للدورات السابقة التي مثّلت التفاهم والتعاون والتنسيق بين قادة دول المجلس، ضمن التصور الذي بُني عليه قيام المجلس، والأهداف المرسومة له لتعزيز المكاسب التي تنشدها دولنا قادة وشعوباً.
* *
وللمملكة دور كبير في تمكين المجلس للمضي على مدى السنوات الماضية في تحقيق الكثير من آمال وتطلعات مواطني دول المجلس، منذ إنشائه وحتى الدورة الـ44، بينما تحقق في الدورة الـ42 التي كانت برئاسة المملكة، العديد من النتائج المهمة في تنمية التبادلات التجارية مع أبرز الشركاء التجاريين لدول المجلس، ومن ذلك تعزيز مفاوضات اتفاقيات التجارة الحرة للمجلس مع كل من بريطانيا والصين وكوريا والهند وأستراليا ونيوزيلندا، مع إيجاد بيئة تجارية مفتوحة تقوم على القواعد التجارية العالمية.
* *
وتكمن أهمية مشاركة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في الدورة الـ44 في قطر أنها تأتي متزامنة مع مستجدات الأحداث بالمنطقة، والعمليات العسكرية التي يشهدها قطاع غزة، والمفاوضات الجارية حيال تمديد الهدنة بقيادة قطر ومصر، وهو ما يتطلب تنسيق المواقف بين قادة دول المجلس، بما يدعم تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
* *
كما أن مشاركة الأمير محمد بالاجتماع، وتزامن ذلك مع ترؤس سموه للقمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية التي عقدت بالرياض، ما يجعل قمة الدوحة أمام فرصة في البناء على نتائج ومخرجات القمة العربية الإسلامية المشتركة، والاستفادة من قراراتها في تعزيز مخرجات الدورة الـ44 للمجلس في قطر.
* *
وبالتأكيد فإن انعقاد الدورة الـ44 للمجلس في قطر سوف يسهم في تنسيق المواقف حيال سبل تكامل جهود قيادات دول المجلس، والعمل على التواصل مع الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة، بهدف تنسيق العمل الدولي المشترك الرامي لوقف العمليات العسكرية في غزة.
* *
وللتذكير فإن القمة العربية الإسلامية المشتركة التي عقدت -مؤخراً- في الرياض برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، قد تعززت قراراتها من خلال تواجد قادة دول مجلس التعاون, وخاصة حيال ضرورة الوقف الفوري للعمليات العسكرية في غزة، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين، والإفراج عن المحتجزين والمعتقلين، ومنع التهجير القسري، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وإيجاد حلٍّ سياسي للأزمة وفق المرجعيات ومبادرة السلام العربية.
* *
ونشاط مجلس التعاون كان حاضراً مع كل أزمة, وكمثال على ذلك، فقد أسهم الدور القيادي للمملكة في نجاح الأمانة العامة للمجلس في استضافة المشاورات اليمنية بالرياض العام الماضي، والتي أسفرت عن توافق الأطراف المشاركة على مخرجاتها الهادفة لإنهاء الأزمة اليمنية، ومن أهمها تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، والتباحث حول حلٍّ سياسي شامل للأزمة.
* *
وانسجاماً مع رؤية خادم الحرمين الشريفين، فقد عمل المجلس على تطوير وتعزيز الحوارات والعلاقات والشراكات الاستراتيجية مع كبرى دول العالم، إلى جانب أبرز التكتلات الدولية، دون أن ننسى أولويات العمل الخليجي المشترك، عبر منظومة خليجية راسخة تتسم بالفعالية والكفاءة، وتسهم في الحفاظ على الاستقرار والسلم الإقليمي والعالمي، وتعزيز المكانة الدولية للمجلس.
* *
ومن المؤكد أن لجولات ولي العهد رئيس الوزراء للدول الخليجية دوراً بالغ الأثر في فتح آفاق جديدة لتعزيز العمل الخليجي المشترك، من خلال تكثيف التواصل مع قادة الدول، وتوثيق أواصر التعاون بين قيادات وشعوب دول المجلس، ما جعل المجلس يحافظ على انتظام اجتماعاته السنوية، ويأخذ في كل دورة القرارات المناسبة.
* *
وفي اجتماع الأمس بالدوحة كانت نتائج الدورة الـ44 برئاسة الشيخ تميم أمير دولة قطر مميزة في قراراتها ونتائجها، وحاضرة في تشخيص الحالة التي يمر بها الشعب الفلسطيني في قطر، ومن ثم أخذ القرارات المناسبة التي تم الإعلان عنها، غير تلك القرارات ذات الصلة بالتنسيق والتعاون بين دول المجلس، وتنفيذ ما كان في دورات سابقة ضمن التوصيات المؤجل تنفيذها إلى حين استكمال الدراسات عنها.
* *
لقد أكدت القمة الخليجية الـ44 وقوف المجلس إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعمه المتواصل لرفع معاناة سكان قطاع غزة، وضمن هذا الدعم إنشاء برنامج مجلس التعاون لإعادة إعمار غزة، وتعهدت في إطار هذا البرنامج دعمه بـ1.646.000.000 مليار وستمائة وستة وأربعين مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى المساعدات الثنائية المباشرة والمساعدات غير الرسمية.
* *
المجلس في قمة الدوحة حذر من مخاطر توسع المواجهات، وامتداد رقعة الصراع إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط ما لم يتوقف العدوان، مؤكداً مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، ومطالبته بإنهاء الاحتلال، ودعمه لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي المحتلة منذ يونيو 1967م، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
* *
قطر بالإضافة إلى نجاحها في التحضير للقمة، كانت بأميرها موضع تقدير كبير من القادة على دورها في الوساطة المشتركة، والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل، والدوحة بالفعل كان دورها مع مصر مفصلياً أثمر عن التوصل للهدنة، وبأمل أن تثمر جهودها مع مصر في وقف دائم للقتال.