سهوب بغدادي
من منا لم يفكر مرارًا قبل دخول الجامعة في التخصص الذي سيدرسه؟ إذ يقضي البعض فترات طويلة في التفكير ويقوم البعض الآخر بالانسحاب وتغيير التخصص بعد دخوله، وهناك من يكمل في تخصص لا يحبه أو كما يعرف بـ»لم يلق نفسه فيه»، كما هناك أشخاص يتجرعون المر ويصمدون حتى النهاية في تخصص يعلمون أنفسهم أنهم لن يطبقوا منه شيئًا ثم يقومون بعملية التغيير والتبديل في المسارات بعد التخرج، في سوق العمل، لذا برز سوق الشهادات الاحترافية والدبلومات وما إلى ذلك، في هذا السياق، لفتني تخصص لو كنت طالبة لتعجبت منه ونفرت منه عند سماعي اسمه ألا وهو الرياضيات، نعم، مجرد تفكيري فيها وأحرفها يصيبني بالمغص والارتباك، هناك عقول تعمل بشكل ملائم لمجالات معينة وأنا لست منها ولا أنتمي لها، إلا أن العقول الملائمة والمتوافقة مع ذلك النمط من الذكاءات سينعمون بأفضل تجربة بإذن الله بعد دراسة العلوم البحتة، تفاجأت حقًا عندما أخبرني شخص متخرج من تخصص رياضيات أنه لا يعمل مدرساً, ولم يغير مجاله بشكل مفصلي, فكيف تمكن من ذلك؟ الشخص يعمل في شركة مطورة للتطبيقات الإلكترونية أي في قطاع التقنية، ويتلخص عمله في مراقبة سير الأرقام للتطبيق أثناء عملية البرمجة، دون الخلط بين ما يفعل والبرمجة، أيضًا هناك فرع من الرياضيات يدعى العلم الاكتواري أو علم حسابات التأمين أو علم إحصائيات التأمين (بالإنجليزية: Actuarial science) هو مبحث علمي يستخدم الطرق الحسابية والإحصائية لتقدير حجم المخاطر في قطاع التأمين والصناعات المالية، حيث يعمل الاكتواريون في الشركات ويقدمون خدماتهم في الحسابات والميزانيات والأرقام الضخمة، كل هذه الفرص تعطي العلوم البحتة والتخصصات المهجورة فرصة ومنظوراً آخر لدى الشباب، في عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي والانفتاح على العالم، فلا يوجد تخصص «ماله مستقبل» فالمستقبل بيد الله أولًا وأخيرًا، والفرص تولد كل يوم مع التطور الحاصل في بلادنا في شتى المجالات وعلى جميع الأصعدة ولله الحمد، فمن كان يتصور أن يكون تخصص السياحة أو الفندقة مطلوبًا؟ بل إنه من أكثر التخصصات المطلوبة نظرًا لانفتاح المملكة بالسياحة وتنوع مرافقها ومعالمها السياحية، وذلك مثال وحيد، والباقي أجمل.