عبده الأسمري
ما أجمل أن نخضع الأدب الى تحليل دقيق، يعتمد على تفحص أدق تفاصيله في “قصة” فاخرة أو “قصيدة” زاهرة أو “رواية” باهرة لنخضع “الإنتاج” إلى “قراءة”، مستفيضة تتحول إلى دهرين من “الاستقراء”، أحدهما للثبات والآخر للتحول.
اعتدنا أن من يقرأ ما بين السطور وتحت النقاط وأمام الأحرف وحول العبارات “ناقد”، يبقى في “موازين” الاختبار “إنساناً” يخضع إلى “ذات” تغلبه، أو “ثبات” يغلبه في خدمة “النقد”، وسط “حسابات” قد تتشكل في “عاصفة” مدوية نحو “الانحياز” أو “مجاملات” قوية، حيث “الإنجاز”، مما يتطلب أن يظل “مؤشر” الثبات في “المنتصف” للسير باتزان على دروب محفوفة بالأنا.. لذا فإننا بحاجة إلى “نقد” يفرض “توصياته”، بعيداً عن “وصايته”، وهذا ما يقتضي أن نقرأ “الوجوه”، وأن نستقرئ “الأماكن”، وأن نحلل السلوك، باعتبارها “مثلث” يلبس “الأدب” رداءً مطرزاً بالتحليل والتفصيل والتأصيل..
لم تكن وجوه “العابرين” على “عتبات” العمر الأولى سوى “نماذج” أولية، نالت “البطولة” المطلقة في أوج “الطفولة” المنطلقة نحو النمو الوجداني الذي حفظنا خلاله “تعابير” الحديث و”تباشير” الحدث، اقتراناً بكل “إنسان” ظل وجهه “موشوماً” في ذاكرة “غضة”، عصية على “النسيان”، وعتية أمام “الغفلة”، لأنها سجلت “الحكايات” بعفوية “الصغار”، ورصدت “الذكريات” بهوية “الصبية” الذين يرون في “البياض” مساحة “مفتوحه” لرصد “تمتمات” الوقائع، وفقاً للمرصود، مع السماح للإضافات من “بوابة” تتمات “النهايات”، وفق منهجية ذاتية ظلت في حيز “الذكرى”، رغماً عن تحولات “السنين”، وتبدلات “الأعوام”.
يوظف “المكان” الأول بذكراه “المسكونة” في عمق “الاستذكار” الترابط المستديم، ما بين الإنسان والأرض والحياة والعيش وبصائر “الفكر”، ومصائر “الزمن”، فتتشكل “الصورة الذهنية” المبكرة التي تجعل من كل “الأماكن” الأخرى فروعاً متنامية من “الأصل”، حتى وإن تعاقبت الأزمنة، وفرضت عقارب “الساعة” مسيرتها “الحتمية” في دائرة التغير.. لذا فإن الشخوص نحو الأولويات والنكوص إلى البدايات “رهان” أمثل لصناعة الإبداع.
في تلك “الحارات” العتيقة، المسجوعة بقصص “الطيبين”، وروائح “الطين”، وحكايات “الفالحين”، وروائح “البخور” بين “ثنايا” الطبيعة، ونسيم “الليالي” الممطرة على “أعتاب” الحنين، ونفائس “البساطة”، في سوالف “الكادحين”، خرجت روايات من “حيز” البسطاء، وأوساط “السائرين” إلى العالم، حيث تجاوزت “حدود” الجغرافيا، وقلبت “صفحات” التاريخ، لتبرهن على تسخير دلائل السلوك في تدبير دلالات المسلك، لإخراج الإنتاج الأدبي والنتاج الثقافي في أبهى صوره، وأزهى ملامحه.
تتجلى “شواهد” الأدب في تحويل “معاناة” البشر إلى “خلطة” سرية لتشكيل “قوالب” الإنتاج من “شعر” و”قصة” و”رواية” و”خاطرة”، من خلال البحث في “التفاصيل” والقدرة على “الاستنتاج”، والتواؤم مع “التحليل”، والتمكن من “اقتناص” المشاعر من خارطة “الوجوه”، وتحويل الشعور الإنساني إلى “نقطة انطلاق” لإقامة “صرح” الإنتاج على أركان متينة من “التفكر”، والارتهان إلى الأماكن لتمثل “اتجاهات” أربعة، تدور في أبعادها “الشخصيات”، وفق “فرضيات” الانتماء، الذي يمثل “جوهر” المنتج.
حتى ننتج إنتاجاً أدبياً يمثل “توثيقاً” للحياة وتحقيقاً للهدف، و”تدقيقاً” للواقع، فعلينا أن نرصد العيش في صور السلوك، وأن نوظف “الشعور” في خدمة الكتابة، وصولاً إلى صناعة “المحتوى” الثقافي المذهل الذي يعلى صوت “المهارة”، ويردد صدى “الجدارة” في اتجاهات فاخرة من الأدب وأبعاد زاخرة من الثقافة، وعلينا أن نعي أن في الوجوه والأماكن، إضاءات نحو قصص تنتظر السرد وروايات تتطلب الرصد.. في خزائن من “المشاهد”، وكنوز من “الشواهد”.