د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
في محافظة الغاط الجميلة ذلك المرتبع النجديّ الجميل الذي يسمو بالعقول الثرة ويعلو بالمنتديات النامية في مدينة حضارية تعانق الأفلاك فتتعالى عقوداً ومواثيق نحو المجتمعات النامية؛ فعندما يكون الارتحال لمحافظة الغاط فهو شوق لاسترفاد المجتمع، ودعم لممكنات الاستقرار والأمن وتأطير محفز لصياغة التنمية المجتمعية.
وفي كل عام يعود منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع بمكاييل من الدعم المجتمعي المشهود، حيث النفوس النبيلة هناك التي أبتْ إلا أن تزاحم قطوف أهلها، حيث الوعي المتفوق بأن ترقية المجتمع مطلب ملحٌّ من أجل تمهيد الغراس التنموي الذي ينطلق من الأسرة وإليها، والمنتدى في حقيقة وجوده ومستهدفاته دعم للمجتمع المحلي بكافة مشاربه وفئاته العمرية وصولاً إلى الإعلان الواضح عن الانتماء للوطن الغالي الكبير؛ وتأسيساً على أن الدعم المجتمعي بكل الأطر التي تحقق التطلعات من شأنه التأثير في دوافع الناس عامة، وميولهم وتصوراتهم وشغفهم واهتماماتهم، وحيث يستجلي منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع متطلبات التنمية المجتمعية في صفوف متوالية تبرز فيها الانتقائية الموضوعاتية العالية، حيث تبنّى المنتدى مفهوم الشراكة المجتمعية منذ دورته الأولى عام 2009م قبل صياغاتها الحديثة إلى هذا العام، وفي كل عام يستقطب المنتدى العقول الوطنية المتخصصة لتبسط في المنتدى شواهد الموضوع وأدواته وتعرض دروب تطويره وتفيض بما يعزز كل ذلك من خلال نخبة من الجديرين والجديرات.. ولا يستغلق على البصير التقاط متغيرات المنتدى وتجدّدهُ الدؤوب؛ وفي هذا العام 2023م - 1445هـ كان هناك حضور مدهش لمنتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع في دورته السادسة عشرة 16 بعنوان محفز ودود نحو المجتمع هو (أسرة آمنة؛ تلاحم وحماية وتمكين) الذي أقيم في 29 من شهر نوفمبر الماضي 2023 برعاية وحضور كريم من صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة بنت مساعد بن عبدالعزيز، وارتاد المنتدى حضور شغوف بالمنتدى وطروحاته المستفيضة!
وفي مضامين عنوان المنتدى هذا العام اهتمام بواقع الأسرة المعاصرة ومقاربة المطالب الملحة للأسرة السعودية من خلال التترس بحزمة من التوجهات والأفعال والقيم النبيلة وبمنهجية ممكنة ومتمكنة طرحها أقطاب المنتدى من المتحدثين والمتحدثات فأبدعوا وأقنعوا!
والأسرة السعودية في عيون المنتدى العريق تحظى بحضور تنموي فاخر فمسيرتُها اتسمتْ بالدقة في نقش انعطافاتْ الانطلاق وأصبحت تحط رحالها في مواقع تحفيزية عديدة، ولقد اهتمت القيادة -رعاها الله - بشؤون الأسرة منذ مرحلة الطفولة إلى كبار السن فاختطت لهم كياناً داعماً للأسرة السعودية وكل ما يحتضن كل المدارات التي تهم الأسرة السعودية ومما يستحق التفاتاً وخروجاً عن دوائر التقليدية بتنوع أساليب المعالجة ومتانة التوصيات والإضافات الذهنية القابلة للحراك والتطبيق لتصل الأسرة السعودية إلى سقف الكفايات المطلوبة!
وفي المنتدى المحفز هذا العام (أسرة آمنة: تلاحم وحماية وتمكين) كان هناك تنوع في أساليب الطرح، وثراء في البحث والاستدلال، وتوصيات تحيط الأسرة السعودية باستشراف سعيد لمستقبلها، ومن ذلك أن التوازن المطلوب لتحقيق جودة الحياة في الوسط المجتمعي الذي يتشكل من الأسرة يحتاج حتماً إلى اتفاق ضمني مشترك للالتفاف حول القيم والمبادئ لتكون مصدر تآلف وتلاحم وتمكين ليتحقق الأمان المنشود للأسرة ومن ثم للمجتمع بأسره الذي يتشكل منه الوطن الغالي الكبير. وزخر الجانب الافتتاحي للمنتدى بالتعريف بالمؤسسة الأم (مركز عبدالرحمن السديري الثقافي) ذلك المشروع الثقافي الذي امتد من الجوف فتراسل مع الغاط حين عزم المؤسس الأمير عبدالرحمن السديري أن يترك مساحة للتاريخ في مرتبع الغاط؛ فنهضتْ ثقافة الغاط وأينعَ منتدى السيدة منيرة الملحم -رحمهم الله جميعا - فاقتربت الرؤى واستدارتْ الزوايا وتُوّجَ مركز السديري الثقافي هذا العام بجائزة من الجوائز الثقافية الوطنية (المؤسسات الثقافية غير الربحية) وهو استحقاق جدير أشرقتْ له منابر الثقافة وأروقة المثقفين وتزينتْ.
واستهلتْ مراكب منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع في دورته 16 حراكها المنبري بطروحات مستفيضة عن تلاحم الأجيال من خلال بناء جسور من الفهم والتواصل الأسري وخصائصهم السلوكية والمعرفية والفجوة الجيلية والآثار المترتبة على وجودها ووجهت بوصلة تنفيذ الحوارات الهادفة بين الأجيال لمركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري ومجلس شؤون الأسرة، وحمل وهج المنتدى وموضوعه اللافت هذا العام مصفوفة وطنية داعمة من التشريعات والأنظمة وممكنات الأسرة وتحقيق أمنها وتلاحمها ومن ثم تمكينها مما نص عليه النظام الأساسي للحكم بشأن توثيق أواصر الأسرة ونظام الأحوال الشخصية الصادر حديثاً ومجلس شؤون الأسرة ومبادرات وزارة العدل في حماية الأسرة وبرامج تنمية الموارد البشرية وحساب المواطن وبرنامج سكني وبرامج الضمان الاجتماعي المطور وسواها مما يصب في كيان الأسرة ليحقق لها الأمان والاستقرار ومن ثم طُرِحَتْ في المنتدى مسارات تؤكد على دور الأسرة والأصدقاء في تحقيق الأمان والحماية وكان الحديث عن خط مساندة الطفل وأهداف إنشائه ورسالته المجتمعية الداعمة وأن ما يستحصل من خلال خط مساندة الطفل هي معلومات وبيانات تعتبر خارطة طريق لأصحاب القرار؛ واختتمت منصة المنتدى بإشراع أبوابها للقيم التي ينبغي أن تتترّس بها الأسر، حيث تلعب القِيَم دوراً جوهرياً في جلب الأمان والاستقرار والتلاحم للأسرة، وتوجيه القرارات الصحيحة وعند دخول أفراد الأسرة في عالم التقنية وبناء سياجات من الاتزان والتوازن بين التقدم التكنلوجي والتأثير الاجتماعي فذلكم فصل آخر من مؤطرات الاستدامة والأمان والتمكين التي تتحقق من خلال استيعاب مفاهيم المسؤولية المجتمعية.
وكل منتدى والغاط بخير والمجتمع بمثله ...
بوح الختام،،،
إن عشقنا المُقام في الغاط يوما
فهو شوقٌ وبهجةٌ وقبولُ