د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
ينعقد المؤتمر الدولي بنسخته الأولى في الرياض في 13-14 ديسمبر 2023 تماشيًا مع تحول العالم بشكل متزايد نحو استدامة الصناعات، فلابد أن يشهد سوق العمل السعودي أيضًا تحولاً موازيًا يحاكي نظم التوظيف حول العالم.
إذا كان العالم ينظر إلى نمو قطاع الطاقة المتجددة باهتمام عالٍ، وبحسب تقارير وكالة الطاقة المتجددة الدولية (إيرينا) من المحتمل أن يوفر هذا القطاع أكثر من 40 مليون فرصة توظيف بحلول عام 2050، بينما هناك قطاعات واعدة في السعودية من القطاعات التعدينية والصناعية والترفيه والسياحية والصحية والخدمات اللوجستية وقطاعات أخرى التي تسعى لنهضة اقتصادية شاملة وصنع اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة، وهناك أكثر من 3 ملايين وظيفة مستقبلية تولدها برامج التحول الاقتصادي سيكون أكثر من نصف هذه الوظائف في برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية بواقع 1.6 مليون وظيفة.
يتطلب من الجامعات القيام بدور محوري في دفع أجندة الاستدامة عبر تعزيز الابتكار والبحث العلمي لإعداد جيل مؤهل بالمهارات المطلوبة لتحقيق النهضة الشاملة، وتشكيل مستقبل العمل، وسيشكل المؤتمر الحافز للتغيير بأسواق العمل التمكينية التي تجذب أفضل المواهب لتعزيز الديناميكية في سوق العمل التي تفتح آفاقًا مرتبطة بتكنولوجيا وعولمة أسواق العمل، خصوصًا أن سوق العمل السعودي من أكثر الأسواق العالمية جاذبية للعمالة القادمة من الخارج لأنه يتمتع بقوانين وأنظمة يتم تحديثها بشكل مستمر وفق أفضل الممارسات العالمية.
من هذا المنطلق سيكون المؤتمر الدولي لسوق العمل بنسخته الأولى في السعودية الذي يجمع نخبة من صناع القرار والمفكرين والأكاديميين والرؤساء التنفيذيين من جميع العالم لمناقشة الفرص والتحديات نحو تحقيق أسواق عمل متوازنة.
هناك طلب عالمي متزايد على مهارات الاستدامة في مختلف قطاعات سوق العمل خصوصًا أن الاستدامة لم تعد فقط مجالاً متخصصًا بل أصبحت أحد العلوم الأساسية التي يشترطها سوق العمل العالمي، فهذا التحول يؤكد الحاجة الملحة لتطوير المهارات.
تهدف الدولة إلى تعزيز مستوى وجاذبية سوق العمل السعودي وتنافسيته عالميًا، من خلال توفير المؤتمر لمنصة فريدة لتبادل المعرفة وعرض الخبرات والممارسات المبتكرة لنخبة من المتخصصين في مجال سوق العمل والتي ستركز على ثمانية مسارات رئيسية أبرز المؤثرات والاتجاهات في سوق العمل عالميًا، والمهارات والإنتاجية، وأنماط العمل الحديثة والعمل عن بُعد، إلى جانب السياسات والتشريعات الخاصة بأسواق العمل وسبل تطويرها، وآثار التطور التقني والذكاء الاصطناعي على مستقبل أسواق العمل لتعزيز تنافسيته عبر خلق ميزة نسبية من خلال تحقيق أدنى تكاليف، وتجارب الدول في إعادة هيكلة سوق العمل، والمساواة وبيئة العمل.
وقد أشار صندوق النقد الدولي إلى أن السعودية تمكنت من احتواء التضخم عند 2.8 في المائة، في مايو 2023، كما أن البطالة وصلت إلى مستوى قياسي منخفض يبلغ 5.6 في المائة، وسجلت مشاركة الإناث في القوى العاملة أعلى مستوياتها عند 36 في المائة متجاوزة الهدف المحدد عند 30 في المائة، ومعدل البطالة للسعوديين ذكورًا وإناثًا قد انخفض بنهاية الربع الثاني من 2023 إلى 8.3 في المائة مقابل 8.5 في المائة بنهاية الربع الأول من العام نفسه، ومعدل البطالة للسعوديات وصل إلى 15.7 في المائة، لكن المعدل ينخفض بالذكور عند 4.6 في المائة.
هناك تجارب لتأهيل الموظفين والخريجين فأطلقت أرامكو مركز أبحاث لها في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لتطوير حلول الطاقة منخفضة الكربون، فالمركز يستخدم التقنيات الرقمية لتسريع هدف الوصول إلى الحياد الصفري في الانبعاثات، فهو بمثابة تعاون بحثي فريد مع كاوست لمواجهة تحديات صناعة الطاقة في السعودية، ليس هذا فحسب بل أيضًا هناك برامج في الجامعة لتحقيق تحول سلس في الطاقة الطريق للاستدامة والمستقبل منخفض الكربون باستخدام التحليلات المتقدمة.
كذلك دشنت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن برنامج علوم وهندسة التعدين بالتعاون مع وزارة الصناعة والثروة المعدنية وشركة معادن لتعزيز القدرات البشرية في قطاع التعدين، وتلبية احتياجات سوق العمل المتنامية في القطاع، وهو يضاهي أفضل البرامج في مجال هندسة التعدين على مستوى العالم الذي سيسهم في تحقيق مستهدفات السعودية بتحويل قطاع التعدين ليكون الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية وارتقاء بمكانة السعودية عالميًا في صناعة التعدين، كذلك أقامت الهيئة العامة للصناعات العسكرية شراكة إستراتيجية مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في برامج الابتعاث والإيفاء لعدد من تخصصات الصناعات العسكرية من أجل توطين ما يزيد عن 50 في المائة من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول 2030.
بالطبع وزارة التعليم مطالبة بتفعيل الشراكات بين الجامعات والقطاع الخاص بما يخدم مستهدفات رؤية المملكة 2030 ولا تخلو الجامعات من قدرات ومواهب لدى أعضاء هيئة التدريس الذين لهم جهود عالمية، كما أن هناك فرقًا بحثية كما في قسم الجغرافيا استطاعت الاجتياز ووصلت أبحاثها إلى منصة ناسا في نظم المعلومات الجغرافية وتولى القسم الذي تنتمي إليه فعاليات اليوم العالمي لنظم المعلومات الجغرافية، وكذلك هناك في الجامعات الأخرى فرق بحثية أو أفراد يمكن تسليط الضوء عليهم، وتمكينهم من عمل شراكات مع القطاع الخاص عبر وزارة التعليم أو عبر الجامعة التي تنتمي إليها هذه الفرق أو الأفراد الذين لهم سبق علمي محلي أو عالمي وتشكيل رابطة لهم أو هيئة لاستفادة القطاع الخاص والدولة من أبحاثهم ومن جهودهم العلمية البارزة حتى لا تتشتت تلك الجهود وتضيع هباءً منثورًا في بيئات غير جاذبة أو غير معنية أو مهتمة بمثل تلك الجهود العلمية البارزة.