عبدالله إبراهيم الكعيد
هُناك مثل صينيّ يقول «عندما ينبح كلب واحد لرؤية شبح، يتولى عشرة آلاف كلب مُهمّة تحويل ذلك الشبح إلى حقيقة» وهذا المثل ينطبق تماماً على ما يحدث في وسائل السوشيال ميديا هذه الأيام، حيث يقوم أحدهم بافتعال موضوع وهمي وينشره في إحدى المنصات التي يستخدمها الملايين، فيتلقاها فرد أو أكثر ليعيد نشرها لتصبح على أفواه عشرات الآلاف مثل حكاية تحويل الشبح إلى حقيقة في المثل الصيني.
أجزم بأن أكثر دولة في عالمنا العربي (المنكوب بأيدي أهله) تعرضت لسهام الأكاذيب هي بلادنا الشامخة المملكة العربية السعودية وأكثر شعب تمت شيطنته هو الشعب السعودي الكريم المعطاء. لن أسأل عن السبب فنحن (حكومةً وشعباً) ندرك تماما لماذا، كما أننا نعرف الجنسيات والمنظمات والدول التي تُحرّض مرتزقة من السفهاء والغوغاء ليكونوا أدوات رخيصة ثمنها بخس تدفع بهم للواجهة كي تصرف الأنظار عنها، ولكن هيهات أن تختبئ تلك العناكب عن أي مبتدئ في اختراق المواقع والمراسلات، ما بالك بأجهزة رسمية محترفة لا تفوتها شاردة ولا واردة.
كانوا وما زالوا يعتقدون أن بإمكانهم بتلك الأساليب القذرة شكلاً ومضموناً خلخلة ثقة الشعب السعودي بنفسه، ومن ثم قيادته ومواقفها الصادقة الصلبة تجاه القضايا المصيرية والأحداث التي عصفت بعالمنا العربي (موقف الملك فهد -رحمه الله- الصارم بتحرير الكويت مثالاً). ولأنهم يجهلون التاريخ القريب لم يقرأوا أو يسمعوا بأن الشعب السعودي منذ منتصف الخمسينيات الميلادية كان يسخر من خطاب الثورجية العرب الذين استخدموا شتى الوسائل التي كانت تُملى عليهم من الخارج لأنهم حينها كانوا أجهل سياسياً من (حمار جحا) ولم تقف محاولاتهم الى يومنا هذا. أضحوا حكومات وأفراداً كناطح صخرة يوماً ليوهنها.. فلم يضرها وأوهى قرنه الوعِلُ حسب عمّنا الأعشى.
إذاً شيطنة البلدان والشعوب ليست وليدة اليوم ولم تكن الدوافع كما هي اليوم بل كان المنطلق الأساس حينها الصراعات الأيديولوجية فكل فريق كان يسعى لتشويه سمعة الآخر والسخرية من أفكاره واتباعه وبالتالي أهدفه. الشيطنة اليوم اختلفت باختلاف المنطلقات والوسائل. منطلقات سفهاء وغوغاء عالمنا العربي لشيطنة بلادنا وأهلها هي أولاً ذهولهم بتلك القفزات المتسارعة التي يتم تحقيقها وبشكل غير مسبوق على مستوى المنطقة قاطبة وأيضا على المستوى العالمي. أصابهم ما حدث بالغيرة، الحسد، الغيظ ثم الحقد الأعمى بلا سبب يمكن قوله.
حينها لا يجد البليد المتخلف عن الركب الأممي غير الانتقاص والشيطنة والبحث عما يقلل من تلك النجاحات حسب عقله المريض.
تذكرت المقولة الشهيرة لوزير الدعاية للرايخ الهر (بول جوزف جوبلز) ولكن بتعبير يناسب حقبة السوشيال ميدا فيجوز لنا القول (اكتب ثم اكتب ثم اكتب) حتى يصدقك الناس. حين يكتبون الأكاذيب ويكررونها عدة مرات يصدقها أولئك السذّج الذين لا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن المصادر الموثوقة والمحايدة.
قيل يكفي لترديد الكذبة عشر مرات ليصدقها الناس.
أعود لحكاية نباح كلب واحد حسب المثل الصيني وأقول كم ألف كلب نبح على قافلة وطننا وتم خسرانها ما بالك بكلب واحد حيث القافلة تسير ولا تبالي.