فضل بن سعد البوعينين
في تعليقه على إقرار ميزانية عام 2024 أكد سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان استمرار الحكومة في إصلاحاتها الهيكلية، المالية والاقتصادية، وتعزيز النمو والمضي قدماً نحو مستقبل أفضل يليق بمكانة المملكة.
التوسع في الإنفاق الحكومي من ممكنات النمو الرئيسة، وهو ما التزمت به الحكومة في ميزانية 2024، وما يليها من أعوام، وفق رؤية إستراتيجية اعتمدت الاستدامة التمويلية لمشروعات التنمية، وبرامج الرؤية، بمعزلٍ عن متغيرات الدخل المرتبطة بأسعار النفط، وحجم الإنتاج. لا خلاف على تحسن الإيرادات غير النفطية، ومساهمتها الإيجابية في تنويع مصادر الدخل، مع توقع نموها في الأعوام القادمة، إلا إنها في حاجة لمزيد من الوقت كي تكون مصدراً رئيساً ومستداماً لتمويل الميزانية، وهو ما تعمل الحكومة على تحقيقه من خلال إصلاحاتها الهيكلية ورؤيتها التي تركز على تنويع مصادر الاقتصاد، والدخل2030.
تستهدف الحكومة باعتمادها نفقات توسعية للعام 2024 بأكثر من 1.25 تريليون ريال، تحفيز النمو، واستدامته، وتنفيذ البرامج والمبادرات المعززة للبنية التحتية، ورفع جودة الخدمات المقدمة وتطوير القطاعات الاقتصادية الواعدة، وتعزيز جذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات، ورفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات السعودية غير النفطية، وهو أمر لم يتوقف على العام 2024 بل يمضي وفق وتيرة تصاعدية ليصل في 2026 لمستويات قياسية، وبحجم إنفاق يتجاوز 1.37 تريليون ريال.
سمو ولي العهد أكد في تعليقه على الميزانية، «عزم المملكة على الاستمرار خلال العام القادم وعلى المديين المتوسط والطويل في زيادة جاذبية اقتصاد المملكة كقاعدة للاستثمارات المحلية والأجنبية، وتنوّع الاقتصاد عبر تطوير جميع القطاعات الاقتصادية»، وهذا ما نشهده على أرض الواقع من منجزات تستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية ورفع مساهمة القطاعات الواعدة في الناتج المحلي، وإطلاق المشروعات العملاقة، والالتزام بتنفيذها لتكون من محركات الاقتصاد وأدوات جذب الاستثمارات الأجنبية. بات تنفيذ مشروعات وبرامج الرؤية من أولويات الإنفاق، وهذا ما يبرر الإنفاق التوسعي، ووجود عجز في الميزانية، يضاف إلى ذلك الالتزام بتنفيذ مشروعات جديدة مرتبطة باستضافة المملكة لإكسبو2030، وكأس العالم 2034، وضرورة إنجاز خطط التنمية عمومًا لضمان جاهزية المملكة ورفع تنافسيتها، وقدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية.
إطلاق سمو ولي العهد المخطط الحضري لمدينة القدية وعلامتها التجارية العالمية، بُعيد الإعلان عن الميزانية، هو تأكيد على أهمية استدامة التنمية والمضي قدمًا في تحقيق مستهدفات الرؤية وبرامجها ومشروعاتها. فالقدية أحد أهم المشروعات الكبرى، ومن روافد الاقتصاد، ومن ممكنات الإستراتيجية العامة لمدينة الرياض، والمحفزة لنمو اقتصادها، وبما يسهم في دخولها ضمن أكبر 10 اقتصاديات مدن في العالم. إضافة إلى أهميتها الترفيهية والرياضية والثقافية وانعكاسها التنموي على مدينة الرياض والمواطنين والمقيمين عمومًا، وتحسين جودة الحياة. إضافة إلى دورها الرئيس في تعزيز قطاعي السياحة والترفيه، وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
يشكل ضخ الحكومة لما يقرب من 10 مليارات ريال في مشاريع البناء، مرحلة مهمة من مراحل المشروع، حيث يتطلب استقطاب المستثمرين، تجهيز البنى التحتية، وتشييد المرافق الرئيسة ومساهمة الحكومة الفاعلة في المشروع وبما يعزز ثقة المستثمرين، ويسرع عمليات الإنجاز، ويحد من مخاطر الاستثمار. سيسهم ما ضخته الحكومة في القدية في إضافة ما يقرب من 135 مليار ريال سعودي إلى إجمالي الناتج المحلي، وخلق 325 ألف فرصة عمل نوعية، وفرص استثمارية متنوعة.
طابع القدية الترفيهي، الرياضي، والثقافي لن يمنع من تحول المدينة مستقبلاً إلى أهم مشروعات التنمية السكانية، حيث من المتوقع أن تحتضن المدينة 60 ألف مبنى على مساحة 360 كلم مربع، وتحتضن أكثر من 600 ألف نسمة، ما يعني إعادة توجيه التنمية نحو الغرب، بدلاً من استئثار الشمال بها، مع إمكانية تشكل ضواحٍ سكنية بين مدينة الرياض والقدية، خاصة مع وجود الطرق البرية السريعة، وشبكة السكك الحديدة المزمع إنشاؤها مستقبلاً.
يحاكي مشروع القدية الجوانب الاقتصادية، السياحية، الثقافية، الرياضية، والاجتماعية، ويعزز التنمية المستدامة، ويسهم في تحقيق جانب مهم من مستهدفات رؤية 2030، وسيكون رافدًا من روافد الاقتصاد، ومن الممكنات المحققة لهدف تنويع مصادر الدخل في الوقت الذي تعكس فيه ميزانية 2024 تناغمًا مع رؤية 2030 ومشروعاتها الكبرى ومستهدفاتها التنموية.