هدى بنت فهد المعجل
من هو المُفكّر؟ سؤال طُرح كثيرًا، وكتب عنه كُتَّاب كثر، كتابة جعلتني أعود إلى ما دونته من كتابات عنه، عن المُفكّر ذلك الذي يكتب بأسلوب سهل يسير؛ لأنه يكتب للجمهور العريض لا للصفوة المثقفة؛ حتى يعم الانتفاع، طالما مهمّة المفكر إعطاء أكبر قدر ممكن من التنوير لأكبر شريحة من الناس.
في تعريب الدكتور «حسن حنفي» لكتاب سبينوزا رسالة في اللاهوت والسياسة جاء فيه أنه قيل عن سبينوزا أنه فيلسوف مقنع يقول نصف الحقيقة ويترك النصف الآخر للذكاء، للتاريخ، للتطور الطبيعي.
بينما ديكارت فيلسوف العقل لا يقبل شيئًا على أنه حق ما لم يكن كذلك. لذا الحقائق الدينية دائمًا تتعدى حدود العقل بالتالي نحتاج معونة الله سبحانه، فلا يحق لنا الرجوع إلى العقل مادامت معونة الله تُحيط بنا.
نعود إلى سبينوزا وقد طبّق منهج ديكارت عندما أخضع بعض كتب اليهود المقدسة للنقد التاريخي.
سبينوزا وديكارت مفكران مهمان جدًا، لأنهما لم يفكرا تفكيراً مثالياً، لأن كل تفكير مثالي هو ضعف في الإرادة كما يقول ذلك برجسون.
نحن عندما نرغب في معرفة الشيء نستخلص معرفتنا به من الشيء نفسه، من خواصه، من تغيّراته وتبدلاته، لا من شيء خارج عنه.
سبينوزا وديكارت يندرجان تحت قائمة الفلاسفة، فهل هما مفكران حقًا؟ كل فيلسوف مفكر، وماذا عن العكس؟
كتب زكي الميلاد يقول:
(في الانطباع العام أن المفكر هو أعلى درجة وأرفع رتبة من المثقف، وأقل درجة وأنزل رتبة من الفيلسوف، وبحسب هذا الانطباع الشائع فإن المفكر يقع في منزلة وسطى بين المثقف والفيلسوف، منزلة تخطت مرحلة المثقف، ولم تصل بعد إلى مرحلة الفيلسوف، لكنها تقع على هذا الطريق. الأمر الذي يعني أن المفكر لا يكون مفكرًا إلا بعد أن يتخطى وضعية المثقف، والفيلسوف لا يكون فيلسوفًا إلا بعد أن يتخطى وضعية المفكر. وعلى هذا الأساس جاز القول إن كل مفكر هو مثقف بالضرورة، وليس كل مثقف مفكرًا بالضرورة، وكل فيلسوف هو مفكر بالضرورة، وليس كل مفكر فيلسوفًا بالضرورة. وفي الظاهر العام أن الفارق أو المائز بين هذه النماذج الثلاثة، يتحدد في طبيعة الانتساب المعرفي، فالمثقف وصف يوحي بالانتساب إلى الثقافة، والمفكر وصف يوحي بالانتساب إلى الفكر، والفيلسوف وصف يوحي بالانتساب إلى الفلسفة، فهل هناك فروقات ومفارقات بين هذه الحقول الثلاثة). إذًا الفيلسوف لا يكون فيلسوفًا إلا بعد أن يتخطى وضعية المفكر، فهل سبينوزا وديكارت كذلك؟