عبدالله إبراهيم الكعيد
هل بالفعل يسعى ساسة الدول العظمى لتحقيق السلام بمعناه الحقيقي في كل دول العالم؟
تم طرح هذا السؤال وما يماثله على كافة المستويات وفي ندوات وبرامج وثائقية عديدة رغم أن البعض قد يراه ساذجاً بينما يرى البعض الآخر أن الإجابة عليه لا تحتمل كثير عناء في التفكير لأنهم يعتقدون بأن أولئك الساسة يخفون ما لا يُبدون أي أنهم يكذبون أو على الأقل يكيلون بأكثر من مكيال حسب القضية وموقعها الجغرافي.
المتابع لتصريحات بعض وزراء خارجية تلك الدول وهم المعنيون ببحث القضايا العالمية المعقّدة مع نظرائهم من الدول أعضاء مجلس الأمن أو من وزراء خارجية الدول أطراف القضيّة، بإمكانه قراءة ما بين سطور أحاديثهم أو التركيز على لغة أجسادهم تلك التي تفضح مصداقية مواقفهم المُعلنة من عدمها.
من الطبيعي ألاّ يقف السياسي أو ممثل دولة ما في مجلس الأمن ضد موقف بلاده حتى وهو يعرف يقيناً أن مواقفهم تلك مخزية وتميل مع طرف ضد طرف آخر ولكن هكذا فيما يبدو يتم توظيف رجال السياسة بل السلك الدبلوماسي بشكل عام. وحين يخرج أحدهم عن ذلك الخط يُجبر على تقديم استقالته إن لم يتم طرده وإسكات صوته للأبد.
سأل بطل إحدى قصص الكاتب والروائي الأمريكي من أصول ألمانية تشارلز بوكوفسكي صديقه عن مؤتمر باريس للسلام المتعلق بحرب فيتنام أجاب:
"هؤلاء الأشخاص يعيشون حياة هنيئة. لا يريدون أن تنتهي الحرب. جميعنا نسمن، ولا نعاني حتى من خدشٍ واحد. وإذا أنهوا العمل خطأً، ستكون هناك حروب أخرى. إنهم يهتمون بأن تكون هناك نقاط متوهجة على وجه الأرض".
السؤال مرّة أخرى: هل بالفعل هنالك من لا يُريد لأي حرب أن تنتهي حسب كلام صديق بطل قصّة بوكوفسكي؟ وهل لابد من خلق نقاط متوهجة في أماكن بعينها؟ إذا كان الحال كذلك فكيف يمكن تصديق ادعاء إحلال السلام والأمن العالمي.
ثم من هم الذين يفتعلون إشعال تلك النقاط؟ هل هي مصالح تلك الدول والحكومات. أم مصانع الأسلحة وشركات إنتاجها. أم هم تُجّار الحروب؟
هل بالفعل يتم الاتفاق بين أطراف متحالفة من تحت الطاولة لإشعال منطقة ما لتحقيق أهداف تخدمهم في المنظور القريب أو البعيد؟ يحلو للبعض القول بأن الأطماع في المصادر الطبيعية المولدة للطاقة أو المعادن التي تعتمد عليها الصناعات أو المنتجات الزراعية لبلدان معينة تجعلها في مرمى النيران بصفة دائمة. بينما يحلو للبعض الآخر الجزم بأن الموقع الجغرافي وسيادة بلد ما على الممرات الاستراتيجية العالمية التي تربط فيما بين القارات سبب رئيس كي تكون نقطة متوهجة.
أما إذا اجتمعت كل تلك العناصر في بلد ما أو منطقة معينة، فستكون على فوهة بركان لا يهدأ عن الثوران.