«الجزيرة» - محمد العيدروس:
المملكة اليوم أصبحت محط أنظار وجذب للعديد من الدبلوماسيين والدبلوماسيات في أنحاء العالم، كونها تمثل ثقلاً استراتيجياً ومركزاً للقرار الدولي من جهة.. وكونها نقطة انطلاق للدبلوماسيين أنفسهم، حيث تثري سيرتهم الدبلوماسية نحو مراكز أعلى في بلدانهم.
(الجزيرة) تفتح الملف الدبلوماسي، ولكن من زاوية السيدات السفيرات والدبلوماسيات اللاتي يعملن هنا في المملكة من دول عديدة من العالم.
تساءلنا ما هي مشاعرهن وكيف وجدن بيئة العمل الدبلوماسي لهن كسيدات.. فإلى الاستطلاع:
(سفيرة فنلندا)
تصف سفيرة جمهورية فنلندا لدى المملكة السيدة انو لايركا فيليانين بيئة العمل في المملكة بأنها مثالية، وتقول لـ»الجزيرة».. لقد عملت سفيراً لفنلندا لدى المملكة العربية السعودية منذ ما يقرب من عام ونصف العام وما زلت، ولقد كانت رحلة رائعة حتى الآن، لقد تم استقبالي جيداً، وأشعر بالاندماج الجيد في مجتمعكم.
وتضيف سفيرة فنلندا: أنا مندهشة للغاية من لطف السعوديين وكرم ضيافتهم، ولا أخفيكم، لقد تعرفت على الكثير من الأشخاص الرائعين هنا الذين فتحوا لي قلوبهم وبيوتهم، وبكل فخر وسعادة عرفوني على الثقافة والتراث الفريد للمملكة العربية السعودية.
والعاصمة الجميلة الرياض مدينة عالمية نابضة بالحياة وغنية ثقافياً، وتقدم الكثير لتفعله للجميع. وأتمنى لو كان لدي المزيد من وقت الفراغ للاستفادة الكاملة مما تقدمه الرياض وبقية المملكة العربية السعودية. إن ما أراه في المملكة العربية السعودية الآن هو تحول مذهل بدأ نتيجة لرؤية 2030 الطموحة.
وأكدت السفيرة انو لايركا أنها في بدايات عملها الدبلوماسي في المملكة، وجدت كل ما كانت تعتز به في مجال التعاون الدولي والثقة والحماس والود والانفتاح للعمل الجماعي لصالح البلدين. وأضافت: إن الأمر لا يصدق مدى حيوية الأجواء في المملكة وتقدمها للأمام وطموحها.
المملكة اليوم في حالة حراك دائب لتحويل وتنويع اقتصادها ومجتمعها عبر البرامج الطموح وهو رؤية 2030.
أعتقد أن رؤية 2030 هي تغيير حقيقي لقواعد اللعبة في بلدك، فهي تدور حول الروح والعاطفة، وهذه بعض العناصر التي تجعل بلدكم ديناميكيا ومميزا للغاية. رؤية 2030 ليست مجرد رؤية، بل أصبحت حقيقة في العديد من المجالات، بما في ذلك تمكين المرأة وتنويع اقتصاد بلدك، والآن مع استضافة الرياض لمعرض إكسبو 2030، فإن الفرص موجودة بالفعل في المملكة. يسعدني ويشرفني للغاية أن أتمكن من رؤية التغييرات هنا شخصياً وأن أعيشها معكم جميعاً.
(القائمة بأعمال السفارة الأمريكية)
تروي القائمة بأعمال السفارة الأمريكية السيدة مارتينا سترونغ تجربتها عن العمل الدبلوماسي في المملكة باعتزاز وسعادة غامرة، وتقول:
قضيت في المملكة 5 سنوات، وتشرفت بالعمل مع زملاء وزميلات سعوديات لتعزيز علاقاتنا وتدعيم الشراكة القائمة بيننا.. كما تشرفت بزيارة كل ركن من أركان المملكة، وكلي اعتزاز بتراث يلدينا الذي يدعو للفخر.
ومضت تقول: في كل مكان أذهب إليه أجد حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة, كما تعرفت خلال تجوالي عن كثب عن الكثير من تاريخ الشعب السعودي العظيم وثقافته ورؤيته للمستقبل.
وأشارت الدبلوماسية الأمريكية إلى أنه مع انطلاقة رؤيه المملكة 2030 شرعت السعودية في تنفيذ تحول شامل ومدهش في جميع المجالات، وهو بالفعل تحول تاريخي من حيث نطاقة واتساعه. واسترسلت قائلة: شكراً لكم على استضافتي وعائلتي بهذا الحب والكرم.. كما كان من حسن حظي أن أسهم مع زملائي في تعزيز الروابط السعودية الأمريكية. سوف أعتز دائماً بالوقت الذي قضيته هنا في السعودية.
(نائبة رئيس البعثة السفارة النرويجية)
تحكي نائبة السفير النرويجي السيدة مونيكا توفسن لـ(الجزيرة) تجربتها قائلة: لقد عشت وعملت دبلوماسية لمدة عام تقريباً في الرياض، كما أن السفارة النرويجية تغطي العلاقات الثنائية بين النرويج والمملكة، إضافة إلى البحرين وعمان واليمن، بصفتي نائب رئيس البعثة، يجب أن أكون مرناً وقادراً على التعامل مع العديد من الحالات المختلفة، ولا توجد أيام واحدة.
وانطباعي هو أنه في المملكة اليوم، على الأقل في المناطق الحضرية التي زرتها، مثل جدة والدمام، بالإضافة إلى الرياض، لا أرى فرقاً في كوني دبلوماسية أو شخصية عادية. فما واجهته هو بيئة عمل ودية للغاية، كل شخص قابلته في حياتي المهنية هنا كان ودوداً ومهذباً بشكل لا يصدق، وتجربتي كامرأة، هي أنه ربما تكون ميزة أن أكون دبلوماسية في المملكة العربية السعودية اليوم.
قلت لنائبة السفير.. ما هي مشاعرك تجاه مختلف مجالات التنمية في المملكة؟
أجابت: كثيراً ما يُسأل عن كيفية العمل كامرأة في المملكة العربية السعودية، ثم أتحدث عادةً عن التطورات الإيجابية والمهمة على مدار السنوات الماضية، عندما يتعلق الأمر بإدماج المرأة السعودية في القوى العاملة. وبحسب ما ورد تجاوزت المملكة بالفعل الأهداف المحددة في Vison 2030 لإدراج 30 % من النساء في القوى العاملة، وهذا التطور إيجابي بشكل لا يصدق، و لا أستطيع أن أتخيل كيف تمكنت المملكة من تحقيق نفس القدر الذي حققته في السنوات الأخيرة دون أن تشارك النساء في دور نشط. المرأة مرئية بشكل خاص في مجالات مثل السياحة، الثقافة والخدمات والقطاع العام، ولكن مونيكا توفسن من خلال الذهاب إلى مهن نسائية غير تقليدية مثل الهندسة والبناء والرياضة. والمملكة لديها نساء رائعات يكسرن الحواجز ويلهمن الآخرين.
(الملحقة الثقافية والصحفية الألمانية)
وتقول الملحقة الثقافية والصحفية الألمانية السيدة ستيلا شيرار: منذ أن كنت مراهقة رغبت بالعمل في المجال الدبلوماسي، والقدرة على تحقيق هذا الحلم والعمل كدبلوماسية يمنحني سعادةً عارمة. لقد كانت تجربة مثيرة للاهتمام تخللها التعرف على زملاء من مختلف أنحاء العالم، والاطلاع على وجهات نظر متنوعة، واستخدام هذا التنوع في خلفياتنا من أجل إيجاد أوجه التعاون والتقارب أو في بعض الأحيان من أجل اتخاذ مواقف ثابتة والتفاوض عند اختلاف الآراء. في الواقع، أعتبر نفسي محظوظة جداً للعمل كدبلوماسية في الوقت الذي تجلس فيه المزيد من النساء على الطاولة.
وتضيف: إنّ المملكة بلد مضياف للغاية ويتعامل بمهنية واحترافية مع الدبلوماسيين الأجانب. وصلت إلى هنا في نوفمبر من عام 2020، وتوليت منصبي كملحق الشؤون الصحفية والثقافية في سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية في المملكة. أعتبر هذا المنصب مميزاً لأنه لا يقتصر فقط على التعاون السياسي التقليدي بين الوزارات، إنما أتاح لي فرصة التعرف على التطورات الثقافية في المملكة، فضمن إطار وظيفتي تمكنت من حضور أوّل بينالي للفنون الإسلامية، زيارة المعارض، زيارة مدارس الموسيقى التي تم تأسيسها حديثاً، ورؤية كيف تم تحويل «حي جاكس» من منطقة صناعية في الدرعية إلى منطقة مرجعية للفنون والثقافة في المملكة. أنا ممتنة للاهتمام الكبير الذي يبديه الشعب السعودي والمقيمون في المملكة بالتبادل الثقافي، وكنت سعيدة بأن أرحب بالعديد من الضيوف السعوديين في فعالياتنا الثقافية الألمانية.
سألت الدبلوماسية ستيلا شيرار عن مرئياتها تجاه التغيرات والتطورات التي تشهدها المملكة؟
قالت: أن أكون شاهدة على التغيرات الهائلة الحاصلة في المملكة العربية السعودية هو امتياز لا أريد تفويته. لقد كان لي شرف رؤية العديد من «الأحداث الأولى» التي ساهمت في تمكين العديد من فئات المجتمع، كما شاهدت قطاع الفنون والثقافة ينبض بالحياة في الأماكن العامة. ولقد عايشت هذه التغيرات بشكل شخصي عندما شاركت في رالي جميل، أول رالي نسائي في المملكة. قلبي مع كل الشباب والشابات السعوديين والسعوديات الذين يملأون رؤية 2030 بالحياة والإلهام والإبداع.
(دبلوماسية نرويجية)
وتقول لـ(الجزيرة) الدبلوماسية النرويجية انجيليل جاسبوسن: في كل مرة كنت في الرياض، كان الأمر يتعلق بالمعارض والفعاليات تحديداً، حيث لدينا العديد من الفعاليات. ولا أخفيك لقد كانت التفاعلات التي أجريناها في المملكة إيجابية للغاية، حيث وجدنا شعباً مرحباً وودوداً. قد لا أعرف الكثير عن التطور في مختلف المجالات في المملكة إلا أنها بالتأكيد كبيرة، ولكن التغييرات التي رأيتها منذ زيارتي الأولى للسعودية في عام 2018 حتى الآن كانت إيجابية وملفتة للغاية.
(سفيرات للعراق والسويد والدانمارك وسويسرا لدى المملكة)
كما يحتضن الوسط الدبلوماسي السعودي عدداً من السفيرات اللاتي يمثلن بلادهن، ومنهن سفيرة العراق صفية السهيل، وهي عضوة سابقة في مجلس النواب العراقي وسياسية محنكة، وسبق وأن عملت سفيرة لبلادها لدى فلسطين. وهناك سفيرة للدانمارك في المملكة، وهي السيدة ليزالوته بليزنر، والتي تمثل بلادها أيضاً في مسقط وصنعاء.
كذلك هناك السفيرة ياسمين شاتيلا التي تمثل سويسرا لدى المملكة، وهي ذات باع دبلوماسي طويل في عدد من الدول.
وإلى جانب تلك الكوكبة من السفيرات تتواجد أيضاً سفيرة السويد لدى المملكة السيدة بيترا ميناندر، التي تمثل بلدها لدى المملكة، إضافة لليمن وعمان.
** ** **
لقطات
- أغلبية السفيرات والدبلوماسيات الغربيات اللاتي يعملن في المملكة، يتقن أكثر من لغة بطلاقة جيدة.. وكثيرات يتقن اللغة العربية تحدثاً وليس كتابة.
* * *
- يتم ترشيح واختيار السفيرة من قبل وزارة خارجية بلادها بعناية دقيقة للغاية.. وتحديداً حينما تكون الوجهة لبلد ذي أهمية واستراتيجية خاصة.
- يبتسم الحظ دوماً (وهذه حقائق موثقة)
* * *
لكل دبلوماسي أو دبلوماسية يعمل في المملكة, حيث سرعان ما يتم ترشيحه لموقع قيادي رفيع في بلاده بعد انتهاء فترة عمله هنا.
* * *
- حي السفارات في العاصمة الرياض واحد من أجمل الأحياء على مستوى الشرق الأوسط.. ويعود الفضل في تشييده إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حينما كان أميراً للرياض، حيث أشرف على جميع تفاصيله.. ويدير الحي تنفيذياً الهيئة الملكية لمدينة الرياض التي تناوب عليها المهندس عبداللطيف آل الشيخ، ثم المهندس إبراهيم السلطان، ثم المهندس طارق الفارس ثم الأستاذ فهد الرشيد.
* * *
- تحرص السفيرات والدبلوماسيات الغربيات على جلب عائلاتهن وأقاربهن إلى المملكة ليكونوا بقربهن وقياساً بمستوى جودة الحياة.