عطية محمد عطية عقيلان
منذ القدم اهتم الإنسان بوجود قوة ناعمة تساعده على الانتشار وفرض حضوره وهيبته وقوته، وهذه القوة تطورت بحكم البحث عن طرق مؤثرة جديدة، فقد كان الشعر قديماً هو المستخدم لدى العرب، وكان أداة للترفيه والطرب، ولكن بطريقة غير مباشرة، كان وسيلة لإيصال الرسائل الناعمة، لقوة تلك القبيلة أو ضعفها، ولم يقتصر على الجماعات فقط، بل كان الأفراد يهتمون بالصورة المتداولة عنهم، لذا نشط شعراء المدح، وأجزل لهم بالعطاء، لذكر محاسنهم وتزيينها وإضافة بريق عليها، ولم يتوقف الإنسان ومن ثم الدول عن البحث عن "القوة الناعمة" التي تحقق مكاسب لهم، وبأقصر الطرق، وفي عصرنا الحديث كان الفن بشتى أشكاله، من أهم عناصر هذه القوة الناعمة، التي تحقق ذلك، ورأينا كيف تأثرنا بالأفلام الأمريكية التي تمجد الجندي الأمريكي وتظهره بصورة القوي الذي يصعب أن يقهر.. كذلك شهدنا كيف أن نشر اللغة كالفرنسية وإظهارها وكأنها لغة الثقافة والفن والرقي، حتى غدت هناك دول الفرنكفونية والتي تتحدث اللغة الفرنسية، ترسيخاً لمبدأ القوة الناعمة في التشبع بالثقافة الفرنسية... وهذا يأخذنا إلى الرياضة التي أصبحت القوة الناعمة في العالم لجذب الشباب لتشجيع أندية معينة أو بلدان، وكيف أثرت هذه القوة الناعمة على شهرة مدن ومن ثم جذب السواح لها مثل برشلونة، والذهاب إلى الملعب وشراء منتجات النادي... والرياضة بمختلف أنواعها وخاصة كرة القدم هي وسيلة الجذب للشباب في مختلف أنحاء العالم، وسبب الحديث عنها، ما تشهده المملكة من نهضة رياضية على كافة الأصعدة، بدءاً من إقامة رالي دكار، ومختلف بطولات الفورميلا، ومباريات كرة قدم السوبر الإيطالي والإسباني والإفريقي، وبنهج مختلف، ومنذ استقطاب أسطورة كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو لصفوف نادي النصر، بدأت مرحلة جديدة من تأثير القوة الناعمة لكرة القدم ووصولها لمختلف قارات العالم، فلأول مرة نشهد وجود "تيشيرت" نادي النصر الذي يحمل اسم رونالدو، موجود في غالبية أسواق العالم، ولأول مرة تنقل مباريات الدوري السعودي، بمختلف لغات العالم، ولأول مرة يستقبل فريق سعودي باليابان وطهران بالورود وتجمع مئات الجماهير لمشاهدة نجمهم لاعب النصر، وكانت البداية لمرحلة جديدة ووجود عشرات النجوم في الدوري ومختلف الفرق، بل أصبحت أشعر بالفخر بأن ترى المقاهي في مختلف الدول تحرص على بث مباريات دوري روشن، فهناك وهج على كافة الأصعدة، يجذبالجماهير لمتابعته، ورغم سرعة تطور الأندية من الناحية الإدارية والفنية واستقطاب الكفاءات وأفضل اللاعبين، يبقى هناك منغص مؤلم، استمرار "كهول" الإعلام ببث التعصب والتقليل من نجاح هذا النادي أو ذاك، متناسين أن هذه المرحلة لم تعد تتسع للميول والبحث عن الترند والانتشار... وعاجلاً أم آجلاً، كل من يمارس بث التعصب والميول ويعكسها في تحليله أو عمله الفني، سيجد نفسه خارج المنظومة الرياضية، وهي فرصة لنا جميعاً أن نرتقي بطرحنا ونواكب هذه القوة الناعمة ونكون فعالين فيها ونعكس مهنية واحترافية، فالتقليل من إنجازات الفرق المنافسة لك لن يرفع من فريقك أو شأنك.
خاتمة: أصبحت الرياضة قوة ناعمة للمملكة وفق رؤية 2030، وهي تسير بثبات، وتستمر في جذب الجماهير في شتى بقاع العالم، ولن يوقفها متعصب يقلل من قيمة منجز ذاك النادي أو اللاعب، ويحق لنا أن نفخر أن الرياضة تسير بخطى منافسة لكبرى دوريات العالم، وقريبا ستكون من ضمن الدوريات الكبرى التي يتسابق على مشاهدتها، وهذا النجاح لأي نادٍ أو حدث رياضي هي نجاح للجميع وفرصة أن نساهم بذلك.