رمضان جريدي العنزي
أصبحت الغالبية من منصات التواصل الاجتماعي مرتعاً للأفكار الغريبة والأخبار الملفقة أو المجتزئة والتعليقات المثيرة للجدل التي يقوم بنشرها خلايا سوداوية حمقاء جهلها مركب وعندها أمية بائنة، حتى صار الكثير على هذه المنصات يصفون أنفسهم بأنهم أصحاب محتوى وناصحين وموجهين ومعالجين وأخصائيين وتربويين ومحللين وأوصياء وأصحاب عطاء فكري وثقافي، وهم الغارقون في مستنقع السلبية، والجافون فكرياً ولغوياً وتنظيرياً، وعندهم عدم وعطب مطلق في الطرح والشرح والمعرفة والبيان، لقد أصبحت الغالبية من خلال هذه الشبكات وهم الأميون يؤدون دور المثالية العالية، لكنها في الحقيقة مثاليات زائفة لا تمت لواقعهم المر بصلة، لم نعد نميز بين الصادق والكاذب، وبين المستقيم والمنافق، وبين المخلص والدجال، وبين المظلوم والظالم، بين من يتحلى فعلاً بهذه المثاليات الرائعة وبين من يفتقدها أصلاً، فالجميع أصبحوا مثاليين وأصحاب مبادئ وقيم وضمائر حية ونفوس راقية ومشاعر نبيلة وإنسانية مغايرة، ومنظرين وأصحاب رأي وطرح، إنه لا يصح سوى الصحيح، فالمثالية الزائفة وإن بهرجها أصحابها وزوقوها وزخرفوها، بالتأكيد تخرج عن نطاق الكلام المجرد وتسقط أمام الفعل المبين، أن غالبية المليارات من الأشخاص حول العالم والذين يستخدمون هذه المنصات يتعبون النفس، ويهدرون الوقت والجهد لمجرد اللعب والتسلية والتضليل والخداع، ونشر الإشاعات المرجفة، والأخبار الكاذبة، وانتهاك الخصوصية، ونشر محتويات تافهة وغير لائقة، ومضايقة الآخرين والتهجم عليهم، وفق تعليقات مسيئة ورديئة، غير حقيقية مشوشة ومضطربة، وآراء قبيحة، ومشاهد مخجلة، والعمل الممنهج على إيجاد بيئة عدائية مؤلمة بين الناس. إن العديد من التعاملات والسلوكيات والمشاهد التي يبثها الكثير من الأشخاص على هذه المنصات أغلبها غير حقيقي ولا يمت للواقع بصلة، وأنها ناتجة عن حالات نفسية مضطربة، وواقع مر. إن العقل الحكيم، والمنطق السليم، يقول بوجوب تنظيف هذه المنصات من الحسابات الهابطة والتافهة واللانافعة، والمدمرة للأخلاق والسلوك والعلاقات الاجتماعية تنظيفاَ تاماً، وتشجيع دور المنصات النافعة التي تتسم بالشفافية والمصداقية والطرح السليم، ولوضع الأمور في نصابها الصحيح فإن المنصات الجادة النافعة تعتبر ضئيلة للغاية مقارنة بالمنصات العشوائية والوهمية والتافهة والتي يجب محاربتها وصدها والوقوف ضدها بكل الطرق والإمكانيات ولسبل، لإيقاف تنمرها على القيم والمبادئ والمثل العليا، والحد من انتشارها المخيف، أنه التحدي الكبير لنا جميعاً لما يترتب عليه من أخطار جليلة على المدى القريب والبعيد، وعلينا تكوين جبهة قوية للتصدي لهذه الآفة، والتضييق عليها للحفاظ على مجتمعات سليمة آمنة عفيفة ونظيفة.