سلمان بن محمد العُمري
ما أن تنزل الخيرات والبركات وسقيا الرحمن بالأمطار إلا ويتباشر الناس بهذا، اقتداءً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أصابنا ونحن مع رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم مطر فخرج رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فحسر ثوبه عنه حتى أصابه، فقلنا: يا رسول اللهِ، لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه.
ولكن البعض وللأسف يخالفون المنهج النبوي ويلقون بأنفسهم للتهلكة بتتبع طريق الأمطار في الأودية والشعاب بل ويقطعونها طولاً وعرضاً فينشبون ويعلقون بها وتتدمر سياراتهم وقد تزهق أرواحهم بهذه المغامرات الطائشة، وكم نسمع نداءات الدفاع المدني وتحذيراته من الخروج وقت الأمطار ولكن لا حياة لمن تنادي، وللأسف البعض لا يقتصر بالذهاب مع أصحابه الشباب بل ربما أخذ عائلته وهذا أدهى وأمرّ فالأولى بهم قبله أن يثنوه عن خروجه لا أن يشاركوه في هذه المجازفة، واسألوا فرق الإنقاذ من المتطوعين الذين يتبرعون لإنقاذ وإنجاد العالقين في السيول كم من الحالات المحزنة والمبكية التي يتم إنقاذها وقد توهم قائد السيارة أن سيارته ذات الدفع الرباعي سوف تكون مسعفة له في التخلص من الماء والطين.
والمصيبة الأخرى هي في الشباب والمراهقين الذين يتنافسون في صعود (الطعوس) ومرتفعات الرمال بسياراتهم ثم ينتهي بهم الحال للانقلاب أو التصادم مع سيارات أخرى وجهاً لوجه وكلا السيارتين تسيران بأقصى سرعة وعلى أرضية غير متساوية.
وثالثة الأثافي من يخرجون للصحراء والنفود ويقطعون الرمال ولا يسيرون على الطرق الممهدة ثم يعلقون وهم في منطقة ضعيفة الاتصال وقد يدركهم المسعفون أو يهلكون من الظمأ والشمس والخوف والهلع، وكم شاهدنا من المقاطع وسمعنا من المواجع ما تتفطر له الأكباد ويؤلم الفؤاد.
وإذا كانت الغابات والصحاري في بعض دول العالم فيها السباع الضارية والوحوش الكاسرة التي تفتك بالحيوانات الضعيفة والبشر، فإن نسبة الوفيات بها أقل مما لدينا من الحوادث الشنيعة في الغرق بالسيول أو حوادث التطعيس أو الضياع وسط الصحاري، وحينما نشاهد من يصورون مجازفتهم و(خبالهم) في البر والمنتزهات وكأنهم يتنافسون على من يموت أولاً، وخاصة في مثل هذه الأيام فإننا نحمد الله سبحانه وتعالى على العافية، ونأمل أن تسن قوانين في معاقبة من يقطعون الشعاب والأودية ومن يقومون بتصويرهم ونشر مقاطعهم وكذلك (المطعسين) والمعززين لهم.
حفظ الله الجميع من كل سوء ومكروه.