عبد الله سليمان الطليان
كثيراً ما نسمع في خطابات الإدارة الأمريكية السابقة والمتعاقبة دائمًا مقولة (المصالح الأمريكية) التي تفسر وتؤل على نحو مختلفة يكتنفها الغموض أحياناً وبشكل متعمَّد، قد تتضح من خلال الحدث مصحوبة بادعاءات مزيفة عن القيم ذات هدف إعلامي.
بداية أنقل ما قاله جون بفريدج وهو سيناتور عن ولاية أنديانا في نهاية القرن التاسع عشر حيث كتب قائلاً: (يجب أن تكون التجارة العالمية.. وستكون لنا ولسوف نحصل عليها.. سنغمر البحار بمشاة بحريتنا.. سنبني أسطولاً يليق بعظمتنا.. هناك مستعمرات ضخمة، تحكم نفسها بنفسها، ترفع رايتنا وتعمل من أجلنا، سنشكل منارة الهداية لطرقنا التجارية). وبعد ذلك نأتي إلى ما ذكره الضابط مايلز كوبلاند في كتابه (لعبة الأمم) في الستينيات (بأننا نتلاعب بالدول كالعرائس المتحركة). وهذان اعترافان بالحقيقة عن مفهوم المصالح الأمريكية التي تطورت مع مرور الوقت وشهدت أحداثًا مأساوية بفعل التدخل العسكري، من أبرزها والجديرة بالذكر عزل حكومة آربنز في غواتيمالا عام 1954م، وتصفية رئيس تشيلي عام 1973م، واعتقال مانويل نوريجا، كل هذا تم من أجل (الشركات الأمريكية) وليس من أجل الحرية التي جاءت على لسان الرئيس الأمريكي جونسون حيث قال (لو لم نكن موجدين فأية أمة في العالم ستدافع عن الحرية).
هذه الحرية لم تعط في البداية للأمريكيين من أصل إفريقي الذين تعرضوا لأبشع عنصرية من قتل وتعذيب واحتقار ونظرة دونية التي مازالت قائمة حتى الآن، ولعل قضية (جورج فلويد) التي تعبِّر عن واقع المعاناة للسود الأميركيين خير مثال، الذين صرخوا في وجه البيض العنصرين وقالوا إن (حياة السود مهم) ولكن هيهات أن تختفى هذه العنصرية، إنها ما زالت حاضرة.
أين هذه الحرية لشعب يباد بدم بارد منذ 75 عاماً من خلال (المستوطنين) على أرض فلسطين، هذه المرة تأتي الإبادة بشكل جامح وسريع لقتل أعداد أكبر من شيوخ ونساء وأطفال بأسلحة متنوعة وفتاكة، كانت حقاً فعلاً تجربة (لشركات السلاح الأمريكية) حيث استفاد أصحابها دخلاً مادياً أولاً وثانياً تعديل الأخطاء في دقة الإصابة على حساب أجساد الفلسطينيين الشهداء العزل، الذين ارتوت أرض غزة بدمائهم في مشهد مأسوي ومؤلم ومحزن، لقد كانت الحرية الأمريكية التي ينتظرونها!.