د.شريف بن محمد الأتربي
تقوم رؤية المملكة 2030 على ثلاث ركائز رئيسة تمثل قاعدة الهرم الذي يخرج منه برنامج الرؤية ومشاريعها، حيث تشمل هذه الركائز الثلاث: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح. وتعد الرؤية هي رؤية إستراتيجية وطنية تهدف إلى تحقيق تحوّل شامل ومستدام في الاقتصاد والمجتمع والتعليم والثقافة والصحة والبيئة والعديد من المجالات الأخرى، وتهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة وتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز جودة حياة المواطنين.
إن رؤية المملكة 2030 ليست مجرد وثيقة إستراتيجية؛ بل هي رؤية طموحة للمستقبل، ومسار للتحول الشامل في المملكة العربية السعودية بهدف تحقيق تنمية مستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين، وتعزيز التنافسية الاقتصادية، وتنويع مصادر الدخل، وتطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية.
رؤية المملكة 2030 تعد هي المحرك الرئيس لتعزيز الابتكار وتطوير الاقتصاد المعرفي في المملكة، حيث تركز على تعزيز قدرة الدولة على التحول إلى مجتمع المعرفة، وتطوير اقتصاد يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا. يعد بناء ثقافة الابتكار محوراً رئيسياً في الرؤية حيث تُبذل الجهود لرفع مستوى الوعي حول أهمية الابتكار وتأثيره المحتمل على المجتمع والاقتصاد، ويتم تنظيم فعاليات الابتكار والمسابقات وحملات التوعية لإشراك المجتمع وإلهام الإبداع وعرض قصص النجاح، وبالتالي تعزيز العقلية القائمة على الابتكار.
تلعب الابتكارات الرئيسة دورًا حاسمًا في تحقيق هذه الرؤية، حيث تمثل فرصًا للابتكار والتطوير في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، ومن خلال تعزيز ثقافة الابتكار، وتشجيع الأفكار الجديدة والتكنولوجيا المتقدمة؛ يمكن للمملكة العربية السعودية أن تحقق تقدمًا ملحوظًا في مجال الابتكار وتعزيز مكانتها على الساحة العالمية.
يمثل الابتكار عنصراً أساسياً في كل برامج ومشاريع الرؤية، وبدونه لن تتحقق أهدافها، ومن الأهداف المحددة للابتكار في الرؤية ما جاء في قطاع التعليم، حيث يهدف الابتكار في التعليم إلى تحقيق طفرة في جودة التعليم، وتعزيز قدرات الطلاب والمعلمين في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، كما يهدف إلى تعزيز البحث العلمي وتطوير الكفاءات البحثية في المملكة.
تركز الدولة على تطوير القوى العاملة الماهرة من خلال برامج التعليم والتدريب، حيث يتم التركيز على تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات (STEAM) لتزويد الشباب السعودي بالمعرفة والمهارات اللازمة للصناعات القائمة على الابتكار. بالإضافة إلى ذلك تم وضع مبادرات لتعزيز التعلم مدى الحياة وتحسين المهارات للتكيف مع المتطلبات المتطورة لسوق العمل في المستقبل.
الابتكار في رؤية المملكة 2030 يركز على تطوير مهارات وقدرات الكوادر البشرية من خلال توفير فرص التدريب والتطوير المهني، وتعزيز الابتكار الاجتماعي والثقافة الرياضية والفنون، كما يسعى الابتكار في رؤية المملكة 2030 لتطوير حلول مبتكرة وتقنيات مستدامة للحفاظ على البيئة وتعزيز الاستدامة في القطاعات المختلفة، مثل: الطاقة، والمياه، والزراعة، والنقل.
تهدف الرؤية إلى تعزيز الابتكار في القطاع الخاص أيضًا من خلال تحفيز الشركات والمؤسسات الخاصة على تبني الابتكار وتطوير حلول جديدة وتقنيات متقدمة في مختلف الصناعات، كما تشجع الرؤية على توفير البيئة الملائمة للابتكار وتشجيع ريادة الأعمال وتطوير الشركات الناشئة، كما تركز الدولة على الابتكار المفتوح والذي يتضمن تبادل المعرفة، والموارد، والأفكار عبر مختلف القطاعات والمنظمات لتعزيز الإبداع وتسريع وتيرة الابتكار مما يزيد من التعاون والشراكات بين الأوساط الأكاديمية والصناعة والهيئات الحكومية، فضلاً عن التعاون الدولي.
من خلال تبسيط الإجراءات، وتشجيع الشركات الناشئة، وتقديم الدعم والتمويل للمشاريع الابتكارية؛ تنشئ الدولة تعاونًا قويًا بين القطاعين العام والخاص، هذا التعاون سيسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز تنافسية المملكة على المستوى العالمي، وتوفير فرص عمل مستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
تعمل الدولة أيضًا على تقديم الدعم المادي، والتقني، والقانوني للمبتكرين ورواد الأعمال، وتوفير برامج التسريع والتمويل والمساحات الابتكارية من أجل تشجيع ريادة الأعمال وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المملكة، كما تهدف أيضًا إلى تطوير الصناعات الإبداعية والترفيهية في مجال الفنون، والثقافة، والأفلام، والموسيقى، والألعاب الإلكترونية من خلال تشجيع الابتكار وتطوير المواهب الإبداعية المحلية، وتوفير البنية التحتية لتنمية هذه الصناعات.
تتبنى المملكة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كأدوات رئيسية لتعزيز الابتكار وتحقيق التحول الرقمي، حيث يتم تشجيع الاستثمار في تطوير التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، مثل الصحة، والنقل، والزراعة، والخدمات المالية، كما تستثمر في التقنيات الرقمية وتعزز التحول الرقمي في مختلف القطاعات، ويشمل ذلك مبادرات مثل خدمات الحكومة الإلكترونية، والمدن الذكية، وتطوير البنية التحتية الرقمية، واعتماد التقنيات الناشئة مثل سلسلة الكتل، وإنترنت الأشياء، وتحليلات البيانات الضخمة، حيث يرفع التحول الرقمي مستوى الكفاءة، ويعزز الاتصال، ويفتح فرصًا جديدة للابتكار.
تُعزز رؤية المملكة 2030 الابتكارات البيئية من خلال تطوير التقنيات النظيفة للحفاظ على البيئة وتحقيق الاستدامة البيئية، كما تهدف إلى تعزيز الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وتطوير حلول مبتكرة للتحديات البيئية.
ولتعزيز الابتكار؛ عملت الدولة على إنشاء بيئة ملائمة له، من خلال تسهيل إجراءات التراخيص، وحماية حقوق الملكية الفكرية، وتوفير التمويل والاستثمارات في الأبحاث والتطوير، كما تقوم بتوفير الدعم والتدريب للمبتكرين وريادي الأعمال وتشجيع التعاون بين القطاعات المختلفة لتعزيز التبادل الفكري والابتكار.
لم تكتف الدولة بالاهتمام بالابتكار على المستوى الداخلي، بل عملت على تعزيز التعاون الدولي مع الدول الشقيقة والصديقة في مجال الابتكار، حيث تشارك الدولة بنشاط في الشراكات والتعاون مع الدول والمنظمات ومراكز الابتكار الأخرى في جميع أنحاء العالم مما يسهل تبادل المعرفة، ونقل التكنولوجيا، وتقاسم أفضل الممارسات، وإنشاء شبكة عالمية للابتكار وتعزيز ثقافة التعلم من وجهات نظر متنوعة. كما تهدف الدولة إلى وضع نفسها كمركز عالمي للابتكار، وجذب الاستثمار الأجنبي، وخلق فرص العمل، ودفع النمو الاقتصادي المستدام.
إن رؤية المملكة 2030 تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، ويعد الابتكار والتحول الرقمي، وتطوير القدرات البشرية إحدى العوامل الأساسية لتحقيق ذلك مما يتطلب التزامًا قويًا من قبل الدولة بتنفيذ الإصلاحات المطلوب، وتعزيز ثقافة الابتكار والتفكير الإبداعي في جميع جوانب الحياة في المملكة.