عمر إبراهيم الرشيد
من أكثر المواقف هيبة للإنسان شهود جنازة وحضور دفنها، مع استحضار مشاعر الحزن والفقد لقريب أو صديق رجلاً كان أو امرأة أو طفلاً. ولذلك وقف النبي صلى الله عليه وسلم حين مرت جنازة يهودي، وحين قيل له إنه يهودي رد بقوله (أليست نفساً) و(أن للموت لفزعاً) و(إنما قمنا للملائكة).
وهنا لابد من الشد على أيدي منسوبي أمانة منطقة الرياض والمناطق الأخرى في المملكة للتحسين والتطوير المشهود في خدمات الجنائز وتنظيم الدفن وترقيم القبور.
وبما أنهم ليسوا بحاجة المدح أكثر من حاجتهم للنقد الصادق والاقتراحات البناءة، فإني هنا أسوق للهيئة الملكية لمدينة الرياض وأمانتها، شكوى الجمهور ومن كتب لهم الله حضور مراسم الدفن والعزاء في مقبرة شمال الرياض، من إيذاء مشاعر ذوي المتوفين والمعزين بضجيج ألعاب الطائرات الصغيرة المسيرة، تلك الشبيهة بألعاب الأطفال أو هي كذلك حيث يتم التحكم بها من اللاعب وجهازه من على الأرض الملاصقة للمقبرة، محدثة ضجيجاً وإزعاجاً نفسياً فأين احترام مشاعر الناس وأين حرمة القبور؟
وهنا أهيب بالهيئة الملكية وأمانة الرياض بسرعة معالجة هذا الأمر، فهو بدوره مكمل لجهودهما المشهودة لتعمير وتطوير وتنظيم العاصمة، وهنا أناشدهما باسم من حضر ويحضر كل يوم إلى مقبرة الشمال وهم من كافة مناحي العاصمة والوطن بأكمله، بنقل نادي الطائرات المسيرة هذا إلى موقع بعيد عن أرض المقبرة مراعاة لمشاعر الناس، فهناك من يذرف الدمع حزناً وكمداً، ومن ينتحب فجيعة لفقد نفس عزيزة، فلا يجدر اللهو واللعب في هكذا مواقف وهذا في كل المجتمعات والأديان فما بالك بمجتمعنا السعودي المسلم.
ومدينة كالعاصمة لا يحدها بحر أو جبال حتى نضيق على الناس فأراضيها صحاري مترامية الأطراف وسكانها يسافرون مابين مناطقها وضواحيها وهم مازالوا فيها، فأرض الله واسعة والهيئة الملكية والأمانة لديهما من الحلول والإمكانيات ما يمكن أن يعالج هذه القضية، حتى تتحقق أنسنة المدن فلا تختلط المسائل، وتضيع الأولويات الإنسانية.
وآمل أن لا يفهم من حديثي هذا بأني ضد الترفيه والتسلية بمختلف الألعاب والرياضات، فهذه حاجة إنسانية كالطعام والشراب وإلا كلت القلوب وشاخت الأنفس والأجسام، وإنما القصد مراعاة النواحي الاجتماعية والأولويات في اختيار مواقع تلك الأنشطة والرياضات ومنها نادي الطائرات المسيرة الترفيهية أقصى شمال العاصمة، إلى اللقاء.