عبده الأسمري
وظّف التفكير في صناعة «الخير» وسخر التدبير في جني «التقدير» الذي اعتلى به «منصات» الذاكرة فأبقى في «الأفئدة» رياحين الذكر وسجل على «الأصعدة» عناوين الفكر مستلهماً من «الفضائل» مرام المعنى ومنتهلاً من «المكارم» مقام الحسنى.
تسابق مع «بعد نظر» مسجوع بالحكمة فكان «الفارس» الدؤوب الذي ملأ «ميادين» الإحسان بخبيئة «النفس» و»المحسن» الدائب الذي كتب «عناوين» الإنسان بطيبة «الذات».
ما بين «حمد» غمر وجدانه و»صلاح» اعتمر داخله بنى «سلطنة» الاستذكار في متون من «الاستدعاء» المعطر بالمآثر وشؤون من «الدعاء» المسطر بالمناقب.
إنه رجل الأعمال الشيخ محمد بن صالح بن سلطان رحمه الله أحد أبرز التجار ورجال الدولة.
بوجه نجدي مسكون بالوقار والاعتبار مع تقاسيم تتماثل مع والديه وتتكامل مع أخواله وأعمامه وعينين واسعتين تمتلئان بنظرات التروّي والحكمة وملامح يملؤها «اللطف والسمت» مع محيا أنيق يعتمر الأزياء الوطنية الأنيقة الموشحة بالرقي المتوافق مع تعامله وشخصية وسطية الفكر راسخة العلم باهية الوصال زاهية التواصل يتوارد منها حسن الخلق وطيب التعامل ولطف المعشر ولين الجانب وسماحة القول ونزاهة الرأي وصوت جهوري تتوارد منه «عبارات التدين» وتتسطر وسطه «اعتبارات التيقن» ولغة فصيحة حصيفة مطرزة برونق الآيات القرآنية ومعززة بوميض الأحاديث النبوية وخبرة عريضة قوامها «الاستثمار» ومقامها «الاقتدار».
قضى ابن سلطان من عمره عقوداً وهو يؤسس الشركات ويرأس مجالس الإدارات ويرسم «معاني» التخطيط ويجني سبل «التنفيذ» مكللاً بعطاء اليد ومجللاً بسخاء الفؤاد تاجراً ومستثمراً وقيادياً ومحسناً وريادياً حوّل خبرته إلى «أنموذج» للاحتذاء ووضع سيرته كمحفل للاقتداء في دروب العمر ومحطات الحياة.
في «حريملاء» المدينة الشهيرة بتخريج «النادرين» من أهل المعارف والتجارة ولد عام 1337 وحجب «اليتم» الباكر عينيه عن رؤية والده الذي توفى في بلاد الهند قبل ولادته فجبرت فرحة قدومه كسر أسرته والتي رأت في مقدمه «بشرى» تحمل في ثناياها «التعويض» وتربى في كنف والدة «عظيمة» وعمٍّ كريم تزوج والدته ليسد «فراغ» والده وكان له بمثابة «الأب» ومثوبة «القدوة».
ركض في أنحاء بلدته مولياً قبلة أمنياته شطر «المعرفة» حيث التحق بكتاتيب القرية وتعلم القراءة والكتابة، وحفظ أجزاء من القرآن الكريم وظل ثاوياً في أهل اليقين منتهلاً من «ينابيع» الفضلاء أصول القيم وفصول الهمم وتعتقت روحه بنفائس «الشهامة وتشربت نفسه» أنفاس المروءة وسط «وقائع» عاشها بين عشيرته الأقربين وظلت له «الضياء» الذي أنار دربه وأضاء طريقه فنشأ محفوفاً بحظوظ «التربية» ومشفوعاً بعطايا «التوجيه».
وما أن اشتد عوده حتى رجح كفة «الرحيل» إلى الرياض فخرج مع معلمه الشيخ حسن بن دغيثر عام 1353هـ ثم قرر الالتحاق بالعمل حيث التحق بالمجاهدين ثم الإمارة في مدينة رنية ورسم أول اتجاهات مسيرته في التوظيف بخبرات أولى منحته «التمكن» فظل يرتقب الترحال لوظيفة أفضل حيث انتقل للعمل كاتباً للبرقيات في إمارة نجران ثم كاتباً للبرقيات في ديوان الملك عبد العزيز في الرياض ونظراً لكفاءته تم تعيينه رئيساً لمكتب وزير الدفاع والطيران آنذاك الأمير منصور بن عبد العزيز ثم ترقى حتى بات مديراً لوزارة الدفاع والطيران.
وفي عام 1376هـ صدر الأمر الملكي بتعيينه وكيلاً عاماً لوزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة، وفي عام 1383 تم نقله رئيساً للشؤون الإسلامية بالديوان الملكي وظل بها إلى أن تقاعد.
اتجه بعد تقاعده للقطاع التجاري وأسهم في بناء العديد من الشركات وتحقيق الكثير من الإنجازات حيث شغل منصب مدير عام شركة أسمنت اليمامة السعودية المحدودة لمدة عامين ثم تعين في منصب مدير عام شركة كهرباء الرياض لمدة عامين ثم انطلق بعدها في ميادين المشاريع الخاصة حيث أشرف على إنشاء المستشفى الوطني مع المؤسسين من رجال أعمال وأطباء، وأشرف على أعمال شركة المنتجات الحديثة «كراش»، وشارك في تأسيس بنك الجزيرة السعودي مع آخرين وترأس مجلس إدارته لدورتين.
أسس ابن سلطان المؤسسة الصالحية للتجارة والتوكيلات والأدوية بالرياض وفروعها بجدة والدمام ثم أنشأ مؤسسة وردة الصالحية بالرياض وفروعها بجدة والطائف والخبر.
وله مناصب متعددة نالها بالترشيح والثقة والاختيار ومنها تعيينه كأول رئيس للمجلس البلدي لمدينة الرياض وجدد له في دورتين متتاليتين من عام (1390 - 1396هـ). وعمل عضواً في هيئة تطوير مدينة الرياض لمدة ست سنوات.
وله عضويات متعددة في مجالس إدارة جمعية البر بالرياض، والجمعية الخيرية لرعاية الأيتام «إنسان». ومجلس إدارة البنك الزراعي العربي السعودي، ومجلس إدارة شركة الغاز والتصنيع. وعمل كعضو مؤسس بشركة القصيم الزراعية. وعمل نائباً لرئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للطوب الرملي.
وكان من ضمن فريق تأسيس مجلس إدارة مؤسسة اليمامة الصحافية، ثم انتخب رئيساً لمجلس الإدارة، وتكرر انتخابه كرئيس للمجلس طيلة 20 عاماً حتى وفاته..
له عدة أعمال خيرية تمثلت في عمله في لجان جمع تبرعات الأعمال الخيرية لمساعدة الشعوب المتضررة من الكوارث والحروب خارج المملكة ومن إسهاماته تخصيص جزء من ماله وأرباحه السنوية دعماً سنوياً لمعظم الجهات والمؤسسات الخيرية المحلية.
وقد وجه بوصلة الخير والدعم أيضاً لرعاية الأيتام والأرامل، واهتم ببناء المساجد وقام بتأسيس المدرسة الصالحية لتحفيظ القرآن الكريم للبنين وللبنات في حريملاء، وكان يذهب هناك كل عام لتخريج دفعة جديدة من حفظة كتاب الله.
وقام بالمساهمة في إنشاء دار الجماعة للاحتفالات مع عدد من المساهمين إضافة إلى مقر نادي الشعيب الرياضي في حريملاء.
تم تكريمه بوسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى عام 2003م في مهرجان الجنادرية الثقافي من الملك عبدالله ونال العديد من الدروع وشهادات التقدير من جهات مختلفة.
انتقل ابن سلطان إلى رحمة الله يوم الجمعة الخامس عشر من شهر رجب عام 1424 وتم دفنه في مقبرة العود ونعته وسائل الإعلام ومنصات الأخبار ووسائط الأنباء ووصف رحيله بفقد رمز من رموز الخير المتنامي والعطاء المتدفق وقد بكته «أعين» المحتاجين ونعته «ألسن» المساكين وامتلأت اتجاهات «الوطن» بالدعوات الصادقة لرجل مختلف سخر وقته وجند نفسه وصرف ماله في العمل الخيري والسخاء الوطني..
وقد أنشئت جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان للتفوق العلمي والإبداع في التربية الخاصة عام 1425.
امتطى ابن سلطان صهوة التجارة ونال حظوة الجدارة دامجاً العلم بالعمل ومازجاً المهام بالالتزام فكان «المتوج» بالتكريم المبني على «الهمة» والحقيق» بالتوثيق المتوارث عن «القيمة».
ترك من بعده «أبناء وبنات» بررة وذرية «صالحة» كانوا ولايزالون «الانعكاس» المضيء والإرث البشري في خلافة أبيهم وزوجته الفالحة منيرة المبارك رحمها الله «المرأة التقية المباركة» التي سارت على نهج الإحسان في تأصيل «دعائم» المعروف وتعزيز معاني «العرفان» حتى وفاتها.
الشيخ محمد بن صالح بن سلطان.. وجه الخير والإحسان وأنموذج المحسن الإنسان صاحب السيرة الساطعة والمسيرة اللامعة في قوائم الفضل ومقامات البذل وقيم النبل.